للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأجرب فتجرب؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول)) (١) ؟!

فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بقوله: ((فمن أعدى الأول)) إلى أن المرض انتقل من المريضة إلى هذه الصحيحات بتدبير الله -عز وجل- فالمرض نزل على الأول بدون عدوى بل نزل من عند الله -عز وجل- والشيء قد يكون له سبب معلوم، وقد لا يكون له سبب معلوم، وجرب الأول ليس معلوماً إلا أنه بتقدير الله -تعالى- وجرب الذي بعده له سبب معلوم ولو شاء الله -تعالى- ما جرب، ولهذا أحياناً تصاب الإبل بالجرب ثم يرتفع ولا تموت، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية قد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون، ويسلم آخرون ولا يصابون، فالإنسان يعتمد على الله ويتوكل عليه وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم، قدم عليه رجل مجذوم فأخذ بيده وقال له: ((كل)) (٢) أي من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم، لقوة توكله صلى الله عليه وسلم، فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي.

وهذا الجمع الذي ذكرنا أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث، وادعى بعضهم النسخ، وهذه الدعوى غير صحيحة، لأن من شرط النسخ تعذر الجمع، وإذا أمكن الجمع وجب لأن فيه إعمال الدليلين، وفي النسخ إبطال أحدهما، وإعمالهما أولى من إبطال أحدهما لأننا اعتبرناهما وجعلناهما حجة. والله الموفق.

***


(١) تقدم تخريجه. ح (١) .
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الطب، باب في الطيرة (٣٩٢٥) ، والترمذي، كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل مع المجذوم (١٨١٧)

<<  <   >  >>