للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم، ثم أقسم -تعالى- بربوبيته لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته، صلى الله عليه وسلم، أقسم بها قسماً مؤكداً أنه لا يصلح الإيمان إلا بثلاثة أمور:

الأول: أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أن تنشرح الصدور بحكمه، ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه.

الثالث: أن يحصل التسليم التام بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أو انحراف.

وأما القسم الثاني: فمثل قوله -تعالى-: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (٤٤) وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٤٥) وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: ٤٥، ٤٧) وهل هذه الأوصاف الثلاثة تتنزل على موصوف واحد؟ بمعنى أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر، ظالم، فاسق، لأن الله -تعالى- وصف الكافرين بالظلم والفسق فقال -تعالى-: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: من الآية٢٥٤) وقال -تعالى-: (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة: من الآية٨٤) فكل كافر ظالم فاسق، أو هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل لهم على عدم الحكم بما أنزل الله؟ هذا هو الأقرب عندي والله أعلم.

فنقول: من لم يحكم بما أنزل اله استخفافاً به، أو احتقاراً

<<  <   >  >>