للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الداعي يتوسل إلى الله -تعالى- بذكر حاله وما هو عليه من الحاجة، ومنه قول موسى -عليه الصلاة والسلام-: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص: من الآية٢٤) يتوسل إلى الله -تعالى- بذكر حاله أن ينزل إليه الخير. ويقرب من ذلك قول زكريا -عليه الصلاة والسلام-: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً) (مريم: ٤) فهذه أنواع من التوسل كلها جائزة لأنها أسباب صالحة لحصول المقصود بالتوسل بها.

النوع السادس: التوسل إلى الله -عز وجل- بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابته، فإن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم، أن يدعو الله لهم بدعاء عام، ودعاء خاص ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: ((اللهم أغثنا)) ثلاث مرات فما نزل من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً. وفي الجمعة الأخرى جاء ذلك الرجل أو غيره والنبي صلى الله عليه وسلم، يخطب الناس فقال: يا رسول الله غرق الماء، وتهدم البناء فادع الله أن يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: ((اللهم حوالينا لا علينا)) فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت، حتى خرج الناس يمشون في الشمس (١) . وهناك عدة


(١) أخرجه البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في المسجد الجامع (١٠١٣) ، ومسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء (٨٩٧) .

<<  <   >  >>