والذي بعد ذلك يترتب عليه ما ذكرناه من الإثم وفساد الإحرام دون النسك، ووجوب فدية، أو إطعام، أو صيام سواء في مكة أو في غيره، وسواء كان متتابعاً أو متفرقاً، وإذا كان هذا الإنسان داخلاً بمعنى أنه لا يدري أن هذا الشيء حرام فإنه لا شيء عليه سواء كان ذلك قبل التحلل الأول، أو بعده، لأن الله عز وجل يقول:(رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)(البقرة: ٢٨٦) فقال الله قد فعلت، ويقول تعالى:(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)(الأحزاب: ٥) .
فإن قيل: إذا كان هذا الرجل عالماً بأن الجماع حرام في حال الإحرام لكنه لم يظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور، ولو ظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور ما فعله فهل هذا عذر؟
فالجواب: أن هذا ليس بعذر؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلاً بالحكم لا يدري أن هذا الشيء حرام، وأما الجهل بما يترتب على الفعل فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلاً محسناً يعلم أن الزنا حرام، وهو بالغ عاقل، وقد تمت شروط الإحصان في حقه لوجب عليه الرجم، ولو قال أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو قال أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له: هذا ليس بعذر فعليك الرجم، وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنا، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يجب عليه ألزامه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة مع انه كان حين جماعه جاهلاً بما يجب عليه، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية وانتهك حرمات الله