للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٣١- ((مَنْ شَرِبَ مُسكِراً، فَلم يَسكَر، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةُ جُمُعةٍ، فَإنْ مَاتَ فِيها، مَاتَ مِيتَةً جَاهِليةً وَإنْ هُو شَرِبَ مُسكِراً، فَسَكِرَ، لَمْ تُقبلْ لَهُ صَلاةٌ أربَعينَ يَوماً، فَإنْ مَاتَ فِيهَا، مَاتَ مِيتةً جَاهِليةً. ثُمْ إنْ تَابَ، تَابَ اللهُ عَليهِ، فِإنْ عَادَ الثَّانِيةَ فَمِثلُ ذَلكَ، فَإنْ عَادَ الثَّالِثةَ فَمِثلُ ذَلِكَ، فَإنْ عَادَ الرَّابِعةَ كَانَ حَقاً عَلَى اللهِ أنْ يَسقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخَبالِ)) . قَالُوا: يَا رَسولَ اللهِ! وَمَا طِينَةُ الخَبالِ؟! قَالَ: ((صَديدُ أهلِ

النَّار)) . (١)


(١) ١٣١- منكر بهذا السياق. ... =
=أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (١/ ١٦٦- ١٦٧) قال: أخبرناه عبد الله بن قحطبة، ثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أيوب بن محمد العجلي أنه حدثهم ثنا شداد بن أبي شداد عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعاً ... فذكره.
قال ابن حبان: ((وهذا حديث له أصل، إلا أن راويه أتى فيه بما ليس فيه)) .
قلت: وعلته: أيوب بن محمد العجلي. ضعفه ابن معين.
وقال أبو زرعة: ((منكر الحديث)) وجهله الدارقطني.
وقال ابن حبان: ((كان قليل الحديث، ولكنه خالف الناس في كل ما روى، فلا أدري، أكان يعتمد، أو يقلب وهو لا يعلم)) .
وللحديث طريق آخر عن ابن عباس مرفوعاً: ((كل مخمر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه. فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟! قال: ((صديد أهل النار)) ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه، كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) .

أخرجه أبو داود (٣٦٨٠) من طريق إبراهيم بن عمر الصنعاني، قال: سمعت النعمان بن بشير، يقول: عن طاووس، عن ابن عباس مرفوعاً.. فذكره.
قال ابن كثير في ((تفسيره)) (٣/ ١٧٩) : ((تفرد به أبو داود)) .
قلت: وسنده ضعيف.

وإبراهيم بن بشير، كذا وقع نسبة نسخة السنن المطبوعة، وهو خطأ، والصواب أنه: ((النعمان بن أبي شيبة الجندي)) وهو ثقة. وآخر الحديث فيه نكارة، ولم أجد له شاهداً خلاف بقية الحديث كما يأتي ذكره إن شاء الله، وكأنه لذلك قال أبو زرعة: ((هذا حديث منكراً)) .
نقله عنه ابن أبي حاتم في ((العلل)) (٢/ ٣٦/ ١٥٨٧) .
وإلا فقد ثبت الحديث، عن عبد الله بن همر مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب، تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه، وكان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال)) . قالوا: يا أبا عبد الرحمن! وما طينة الخبال؟! قال: صديد أهل النار))
أخرجه الترمذي (١٨٦٢) وعنه ابن الجوزي في ((الواهيات)) (٢/ ٦٦٩- ٦٧٠) ، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن ابن عمر به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه عطاء بن السائب، وكان قد اختلط، في آخر عمره. وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه)) . ... =
= قلت: وفي نقد ابن الجوزي رحمه الله خلل يظهر من البحث، والحديث كما قال الترمذي، ويعني أنه حسن بشواهده ولكنه صحيح، غير أن طريق الترمذي متكلم فيه من جهتين:
الأولى: أن البخاري قال في ((التاريخ الأوسط)) : ((عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من أبيه شيئاً، ولا يذكره)) ذكره في ((التهذيب)) (٥/ ٣٠٨) .
قلت: ولكن يعكر عليه ما أخرجه أبو داود (٣٧٥٩) من طريق أبي بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن عبد الله بن عبيد، قال: كنت مع أبي في زمان ابن الزبير إلى جنب عبد الله بن عمر. فقال عباد بن عبد الله بن الزبير: إنا سمعنا أنه يبدأ بالعشاء قبل الصلاة. فقال عبد الله بن عمر: ويحك!! ما كان عشاؤهم؟! أتراه كان مثل عشاء أبيك؟!!
وهذا سند حسن وفيه دليل على أن عبد الله بن عبيد بن عمير أدرك أباه ووعاه. فمثل هذا يقدم على النفي. والله أعلم.
الثانية: أن جرير بن عبد الحميد سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط كما قال أحمد وابن معين وغيرهما.
قال ابن معين: ((عطاء بن السائب اختلط، وما سمع جرير وذووه من صحيح حديثه)) .
ولكن لم ينفرد به جرير، فتابعه همام بن يحيى، عن عطاء به.
أخرجه الطيالسي (١٩٠١) ومن طريقة البغوي في ((شرح السنة)) (١١/٣٥٧) .
ويظهر أن همام بن يحيى سمع من عطاء بأخرة.
وخالفهما معمر بن راشد، فرواه عن عطاء، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عمر.
فسقط ذكر ((عبيد بن عمير)) .
أخرجه أحمد (٢/ ٣٥) حدثنا عبد الرزاق وهو في ((مصنفه)) (٩/ ٢٣٥/ ١٠٧٥٨) ، ثنا معمر به ويظهر أن معمر ممن سمع من عطاء في الاختلاط كما يتحصل من كلام أهل النقد، ولعل هذا الاختلاف من عطاء، لكن اتفاق جرير وهمام على إثبات ((عبيد بن عمير)) أولى من رواية معمر والله أعلم.
وللحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو، يرويه عنه عبد الله بن فيروز الديلمي قال: دخلت على
عبد الله بن عمرو في حائطٍ له بالطائف، يقال له: الوهط. فإذا هو مخاصر فتى قريش، يزن ذلك الفتى بشرب الخمر، فقلت: خصال بلغتني عنك، أنك تحدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من شرب الخمر شربة، لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً)) فلما أن سمع الفتى بذكر الخمر اختلج يده من يد عبد الله، ثم ولى. فقال عبد الله: اللهم إني لا أحل لأحد أن يقول على ما لم أقل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم يقول: ((من شرب الخمر شربة لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب، تاب الله عليه)) . فلا أدري في الثالثة أم في الرابعة: ((كان حقاً على الله أن يسقيه من ردغة الخبال يوم القيامة)) . ... =
= قالوا: يا رسول الله! وما ردغة الخبال؟! قال: ((عصارة أهل النار)) .
أخرجه النسائي (٨/ ٣١٧) ، وابن ماجه (٣٣٧٧) ، والدارمي (٢/ ٣٦- ٣٧) والسياق له ما عدا آخره، وأحمد (٢/ ١٧٦) ، والحاكم (١/ ٣٠- ٣١) ، وابن حبان (١٣٧٨) من طرق عن الأوزاعي، حدثني ربيعة بن يزيد، عن عبد الله بن الديلمي.. فذكره.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم يخرجاه، ولا أعلم له علة)) ووافقه الذهبي وزاد: ((على شرطهما)) !!
قلت: والصواب مع الحاكم، وأخطأ الذهبي - رحمه الله - في قوله إن الحديث على شرطهما، لأن عبد الله بن فيروز الديلمي لم يخرج له البخاري ومسلم شيئاً.
وأخطأ من أعله بتدليس الوليد بن مسلم، فقد تابعه بقية بن الوليد وأبو إسحق الفزاري، ومحمد بن يوسف الفريابي.
وقال السيوطي في ((التعقبات على الموضوعات)) (ق ٢٦/٢) .
((الحديث صحيح قطعاً)) .
وله طريق آخر عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً بنحوه.
أخرجه أحمد (٢/ ١٨٩) حدثنا بهز، والحاكم (٤/ ١٤٥- ١٤٦) عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وله شاهد من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -.
أخرجه أحمد (٥/١٧١) حدثنا مكي بن إبراهيم. والبزار (ج ٣/ رقم ٢٩٢٦) حدثنا محمد بن المثنى، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبيد الله بن أبي زياد، عن شهر بن حوشب، عن ابن عم لأبي ذر، عن أبي ذر، مرفوعاً: ((من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.... الحديث)) .
قلت: وآفته عبيد الله بن أبي زياد القداح ضعيف الحفظ، ولآخر الحديث شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه -.
أخرجه مسلم (٢٠٠٢) ، وأبو عوانة (٥/ ٢٦٨- ٢٦٩) مطولاً، والبزار (ج ٣/ رقم ٢٩٢٧) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (١١/ ٣٥٦- ٣٥٧) من طريق الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: ((كل مسكر حرام ٠ إن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسبقه الله من طينة الخبال)) . قالوا: وما طينة الخبال؟! قال: ((عرق أهل النار أو عصارة أهل النار)) .
قال البزار: ((لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد)) .
وفي الباب شواهد كثيرة، ليس في واحد منها ما في رواية أيوب بن محمد العجلي. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>