أخرجه أحمد (٣/ ١٦٢) ، وابن أبي شيبة (٢/ ٣١٢) ، وكذا عبد الرزاق في ((مصنفه)) (٣/ ١١٠/ ٤٩٦٤) ، والطحاوي في ((شرح الآثار)) (١/٢٤٤) ، والدارقطني (٢/٣٩) ، والبيهقي (٢/٢٠١) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (٣/ ١٢٣- ١٢٤) ، والحازمي في ((الاعتبار)) (١٨٨) ، وأبو حفص بن شاهين في ((الناسخ والمنسوخ)) (ق ٣٥/ ٢) ، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (١/ ٤٤١) من طريق= =أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس.... فذكره. وعزاه ابن القيم في ((الزاد)) (١/ ٢٧٥) للترمذي، والنووي في ((الخلاصة)) - كما في ((نصب الراية)) (٢/١٣٢) للحاكم في ((المستدرك)) ، فوهما. فلم يروه في ((المستدرك)) بعد البحث والتتبع ثم وجدت الحافظ قال في ((التلخيص)) (١/ ٢٤٥) : (وعزاه النووي إلى ((المستدرك)) للحاكم، ليس هو فيه، وإنما أورده وصححه في جزء له مفرد في القنوت، ونقل البيقي تصحيحه عن الحاكم، فظن الشيخ أنه في المستدرك.)) أ. هـ. وهذا الحديث اختلف فيه أنظار العلماء: فقواه جماعة من أهل العلم: قال البغوي: ((قال الحاكم: إسناده هذا الحديث حسن)) . وقال البيهقي: ((قال أبو عبد الله - يعني الحاكم -: هذا حديث صحيح سنده، ثقة رواته. والربيع بن أنس تابعي معروف، من أهل البصرة، سمع أنس بن مالك، وروى عنه سليمان التيمي، وعبد الله بن المبارك، وغيرهما. وقال أبو محمد بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن الربيع بن أنس فقالا: صدوق ثقة)) أ. هـ. وقال الحازمي: ((هذا إسناد متصل، ورواته ثقات ((!! وقال النووي في
((المجموع)) (٣/ ٥٠٤) : ((حديث صحيح!! ، رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، وممن نص على صحته أبو عبد الله محمد بن علي البلخي، والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كتبه، والبيهقي)) أ. هـ. قلت: وهذا التصحيح عري عن الدليل. أما الحاكم رحمه الله فجعل يطيل الكلام حول الربيع بن أنس، ومالنا عليه من نقد، بل هو صدوق في نفسه، لا بأس به، ولكن قال ابن حبان: ((الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن في أحاديثه عنه اضطراباً كثيراً)) أ. هـ. وهذا الحديث منها. وقد تفرد به أبو جعفر الرازي، وأسمه عيسى بن ماهان، وقد تكلموا فيه طويلاً بما حاصله أنه صدوق سيئ الحفظ، كما قال ابن خراش، أو ((صدوق ليس بالمتقن)) كما قال زكرياء الساجي. ومعروف أن سيئ الحفظ لا يحسن حديثه، فضلاً عن أن يصحح لا سيما إذا تفرد به، بل يضعف. وقد تفرد به المذكور فهو ضعيف بغير شك، وروايته عن الربيع فيها اضطراب كثير كما وقع في كلام ابن حبان. وقد تعقب ابن التركماني البيهقي في إقراره تصحيح الحاكم، بقوله: ((كيف يكون سنده صحيحاً وراويه عن الربيع أبو جعفر عيسى بن ماهان الرازي، متكلم فيه، قال ابن حنبل والنسائي ((ليس بالقوي)) :. وقال أبو زرعة: ((يهم كثيراً)) . وقال الفلاس: سيئ الحفظ. وقال ابن حبان: يحدث بالمناكير عن المشاهير)) أ. هـ. وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، قال أحمد: أبو جعفر الرازي مضطرب الحديث. وقال ابن حبان: ينفرد بالمناكير عن المشاهير)) أ. هـ. ونقل الزيلعي في ((نصب الراية)) (٢/ ١٣٢) أن البيهقي قال في كتاب ((المعرفة)) : وله شواهد عن أنس التي ذكرناها في السنن)) أ. هـ. قلت: يرحم الله البيهقي، وقد غلبه تعصبه للمذهب الشافعي، فأوهم غير الحق. فإن الطرق التي ساقها عن أنس ساقطة لا يعول على شيء منها. فسأعرضها، مع النظر فيها. والله المستعان. = =الحسن البصري، عنه. أخرجه الدارقطني (٢/٤٠) والبيهقي (٢/ ٣٠٢) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، وعمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وأبو بكر وعمر، وعثمان - رضي الله عنهم - وأحسبه قال رابع حتى فارقهم.... في صلاة الغداة)) . قال البيهقي: أنا لا نحتج بإسماعيل المكي، ولا يعمرو بن عبيد)) !! قلت: فلم أوردت حديثهما يا إمام؟!! وإسماعيل بن مسلم المكي تركه النسائي، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) . وقال ابن المديني: ((لا يكتب حديثه)) . وأما عمرو بن عبيد، فقال النسائي ((متروك)) . وقال حميد: ((كانَ يكذبُ على الحسن)) . وقال ابن معين: ((لا يكتب حديثه)) . وقال الحافظ في ((التلخيص)) (١/ ٢٤٥) : ((عمرو بن عبيد، رأس القدرية، ولا يقوم بحديثه حجة)) أ. هـ. فاقترانهما لا يعطي الحديث قوة. والحسن البصري، صحح أحمد وأبو حاتم سماعه من أنس، كما في ((المراسيل)) (٤٥، ٤٦) ولكنه مدلس وقد عنعنه. قتادة، عنه. أخرجه البيهقي من طريق خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقنت، وخلف عمر فقنت، وخلف عثمان فقنت فتعقبه ابن التركماني بقوله، ونعم ما قال: ((قلت: يحتاج أن ينظر في أمر خليد، وهل يصلح أن يستشهد به أم لا؟! فإن ابن حنبل، وابن معين والدارقطني ضعفوه وقال ابن معين مرة: ((ليس بشيء)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ولم يخرج لهُ أحد الستة. وفي ((الميزان)) عده الدارقطني من المتروكين. ثمَّ إن المستغرب من حديث أنس المتقدم قولُهُ: ((ما زال يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا)) وليس ذلكَ في حديث خليد، وإنما فيهِ أنه - عليه السلام - قنت. وذلك معروف. وإنما المستغرب دوامه حتى فارق الدنيا. فعلى تقدير صلاحية خليد للاستشهاد بهِ كيف يشهد حديثه لحديث أنس)) أ. هـ. قلت: فهذا ما أوهم البيهقي أن له: ((شواهد)) !! وليس إلا ما ذكرت. خادم أنس، عن أنس قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات. ذكره في ((نصب الراية)) (٢/ ١٣٦) وقال: ((قال - يعني ابن الجوزي يرد على الخطيب - وسكوته عن القدح في هذا الحديث، واحتجاجه به وقاحة عظيمة وعصبية باردة، وقلة دين!! لأنه يعلم أنه باطل. قال ابن حبان: دينار يروي عن أنس آثار موضوعة، لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيه. فوا عجباً للخطيب!! أما سمع في ((الصحيح)) [بل رواه مسلم في ((المقدمة)) فينبغي التقييد] : ((من حديث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب، وهو أحد الكاذبين)) ؟ ! وهل مثله ألا كمثل من أنفق بهرجا ودلسه؟ ! فإن أكثر الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم، وإنما يظهر ذلكَ لالنقاد. فإذا أورد الحديث محدث، وأحتج بهِ حافظ لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح، ولكن عصبيته!! ومن نظر كتابه الذي صنفه في ((القنوت)) ... واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم بطلانها اطلع على فرط عصبيته، وقلة دينه)) أ. هـ. ... = = قلت: يرحمك الله يا ابن الجوزي!! ويأبى الله إلا أن يرتد السهم على المتجني!! فإن لك المكيال الأوفى في كل ما وجهته للخطيب. فإن كنت ترى أن ذكر الحديث الموضع أو غيره مما لا يحتج به، من غير تنبيه على علته عصبيه ورقة في الدين، فأنت من أكثر الناس ارتكاباً لهذا، غير أنا لا أتهمك برقة الدين، ونسأل الله لنا ولك المغفرة، وقد عاد عليك العلماء أنك تخرج الأحاديث الموضوعة من كتب الناس، ثم تحشرها في كتبك، وحسبك منالاً منها كتاب ((تلبيس إبليس)) . ثم قولك: ((واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم بطلانها)) من أدراك أنها باطلة من وجهة نظر الخطيب؟! ثمَّ هب أنها باطل، فإن الخطيب قدْ ساق سنده وهذا مما يبرئ عهدته من التهمة، ومن عادة العلماء إنهم إذا صنفوا في مسألة فإنهم يجمعون كل ما يقع تحت أيديهم من روايات حتى ولو كانت باطلة ليغنى الواقف على الكتاب عن محاولة البحث عن الطرق التي غابت، لعل فيها ما يمكن أن يحتج بهِ، أيُلام الخطيب على هذا الجهد المشكور فضلاً عن أن يتهم بأنه رقيق الدين؟ ! فواغوثاه بالله - عز وجل -! إذا محاسني اللاتي أدل بها عدت ذنوباً فقل لي: كيف أعتذر؟!! وبالجملة فَلَيسَ في شيء من الطرق عن أنس، ما يمكن للبيهقي أو غيره أن يتشبث بهِ. فالصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من عادته المداومة على القنوت في صلاة الصبح، فليت الشافعية يقفون على ما صح من الحديث في هَذهِ المسألة، وكنت قديماً سألت شيخنا محمد نجيب المطيعي رَحِمَهُ الله تَعَالى - وهوَ شافعي - عن رجل تعمد ترك القنوت في صلاة الصبح فَقَالَ لي: تبطل صلاته، وَكَذَلِكَ أن تعمد البكاء. وأن نسى القنوت يسجد للسهو.!! فانظر يرحمك الله إلى هَذهِ الفتوى، وإلى ما فيها من الخطأ، مع أن الزيلعي ساق حديثاً في ((نصيب الراية)) (٢/ ١٣٠) وعزاه لابن حبان من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سعيد وابن سلمى، عن أبي هريرة قالَ: كانَ رسول الله صلى الله عليهِ وآله وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقومٍ أو على قوم ثمَّ نقل عن ابن عبد الهادي أنه قالَ: ((سنده صحيح)) وقال الحافظ في ((الدراية)) (١/ ١٩٥) : ((ويأخذ من جميع الأخبار أنه - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يقنت إلا في النوازل، وقدْ جاء ذلكَ صريحاً)) أ. هـ. فهذا يدل على نكارة الحديث. وراجع بحث ابن القيم في ((الزاد)) (١/ ٢٧٧-٢٨٥) فقد استدل هناك بدلائل قوية وقدْ ذكرت قولُهُ وقول غيره من أهل العلم - مع الترجيح بالأدلة العلمية - في ((بذل الإحسان)) (١٠٨٣) يسر الله أتمامه بالخير.