للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٢- (. إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله)) . (١)


(١) ١٠٢- منكر.
أخرجه أبو داود (٢٠٢) ، والترمذي (٧٧) ، وأحمد (١/ ٢٥٦) ، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (١/ ١٣٢) ، والطبراني في ((الكبير)) (ج ١٢/ رقم ١٢٧٤٨) ، وابن عدي في ((الكامل)) (٧/ ٢٧٣١) ، والدارقطني (١/ ١٥٩- ١٦٠) ، والبيهقي (١/ ١٢١) من طريق عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي. فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟!
قال: إن الوضوء..... الحديث.
قال أبو داود:
((قوله: الوضوء على من نام مضطجعاً: هو حديث منكر، لم يروه إلا يزيد، أبو خالد الدالاني، عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئاً من هذا، وقال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم محفوظاً. وقالت عائشة: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((تنام عيناي ولا ينام قلبي)) . وقال شعبة إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس ابن متى، وحديث ابو عمر في الصلاة، وحديث القضاة ثلاثة، وحديث ابن عباس: حدثني رجال مرضيون، منهم عمر، وأرضاهم عمر.
قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهزني استعظاما له، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟!! ولم يعبأ بالحديث) ٩ أهـ.
وقال الدارقطني:
((تفرد به أبو خالد، عن قتادة، ولا يصح)) .
وفي ((نصب الراية)) (١/ ٤٥) : ... =
= ((قال الترمذي في ((العلل)) : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: لا شيء. رواه سعيد بن أبي عروبة ن عن قتادة، عن ابن عباس قوله. ولم يذكر فيه: ((أبا العالية)) ، ولا أعرف لأبي خالد سماعا من قتادة، وأبو خالد صدوق، لكنه يهم في الشيء)) أهـ.
فعلق الزيلعي بقوله:

((وكان هذا على مذهبه - يعني البخاري - في اشتراطه في الأتصال، السماع، ولو مرة)) .
وقال ابن عدي:
((وهذا - يعني الحديث - بهذا الإسناد عن قتادة، لا أعلم من يرويه عنه غير أبي خالد، وعن أبي خالد عبد السلام)) أهـ.
وقال ابن المنذر في ((الأوسط)) (١/ ١٤٩) :
((لا يثبت))
وقال البيهقي:

((فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ، وأنكر سماعه من قتادة أحمد بن حنبل، ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما)) أهـ.
وقال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (١/ ١٩١) :
((وهو عند أهل الحديث منكر، لم يروه مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي خالد الدالاني، عن قتادة)) أهـ.
وقال ابن حزم في ((المحلى)) (١/ ٢٢٦) :
((لا حجة فيه، فإنه من رواية عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن أبن عباس. وعبد السلام ضعيف لا يحتج به. ضعفه ابن المبارك وغيره. والدالاني ليس بالقوي. وروينا عن شعبة أنه قال: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعه أحاديث، ليس هذا منها،
فسقط جملة، ولله الحمد)) . أهـ.
وقال النووي في ((المجموع)) (٢/ ٢٠) :
((وأما حديث الدالاني، فجوابه أنه حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث، وممن صرح بضعه من المتقدمين: أحمد بن حنبل، والبخاري / وأبو داود. قال صرح داود وإبراهيم الحربي: هو حديث منكر. ونقل إمام الحرمين في كتابه: ((الأساليب)) : إجماع أهل الحديث على ضعفه. وهو كما قال، والضعف عليه بين)) . أ. هـ‍.
وكذا قال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (ق ٢٥/ ٢) .
قلت: فيتلخص مما تقدم من كلام الأئمة، أن الحديث معل بعدة علل:
الأول: أنه ثبت ما ينافي حديث الدالاني. ... =
=الثانية: الاضطراب في سنده.
الثالثة: الانقطاع بين أبي خالد الدالاني وقتادة.
الرابعة: أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية.
الخامسة: أن عبد السلام بن حرب ضعيف، ولم يروه عن الدالاني غيره. وهذه العلل كلها صحيحة إلا الخامسة. فقد تفرد بها ابن حزم، فضعف عبد السلام بن حرب. وهذا من جسارته، فإنه كان هجوما على إطلاق الضعف في عدد من الثقات العدول لأدنى غمز فيهم.
أما حال عبد السلام بن حرب.
فقال أبو حاتم الرازي:
((يقة حافظ)) .
وقال العجلي:
((ثقة ثبت)) .
وقال الدارقطني: ((ثقة حجة)) .
وقال ابن معين والنسائي:
((ليس به بأس)) .
زاد ابن معين:
((يكتب حديثه)) .
[وفي ((سير النبلاء)) (٨/ ٣٣٦) عن ابن معين قال: ((ثقة، والكوفيون يوثقونه ((] .
وقال يعقوب بن شيبة:
((ثقة في حديثه لين)) .
وقال ابن المبارك:
((قد عرفته)) !!
قال الحسن بن عيسى:
((وكان ابن المبارك إذا قال: قد عرفته، فقد أهلكه)) !!
وقال ابن سعد:
((كان به ضعف في الحديث)) .
وقال العجلي:
(( ... والبغداديون يستنكرون بعض حديثه، والكوفيون أعلم به)) .
قلت: فهذا ما قيل في عبد السلام بن حرب، وجانب المعدلين أقوى بلا ريب؛ لأن الجرح مبهم غير مفسر في كلام أغلبهم، ولم يأخذ عَلَيهِ البغداديون شيئاً ذا بال. والكوفيون أعلم بِهِ كَمَا قَالَ العجلي، = =وعبد السلام كوفي، وبلدي الرجل أعرف به. فالحاصل أن عبد السلام ثقة ثبت، لكنه قد يهم رأيت من العلل، بل لا يجوز إطلاق الضعف فيه كما فعل ابن حزم، سامحه الله تعالى. هذا عرفنا وجه استنكار من استنكر عليه بعض حديثه ففي ((سير النبلاء)) (٨/ ٣٣٦) :
((قال على بن المديني: وقد أستنكر بعض حديثه، حتى نظرت في حديث من يكثر عنه، فإذا حديثه مقارب عن مغيرة والناس، وذلك أنه كان سراط، فكانوا يجمعون غرائبه في مكان، فكنت أنظر إليها مجموعة فأستنكرتها) ٩ (أهـ.
قلت ك فظهر من الحكاية أن الاستنكار وقع بسبب جمع الغرائب كلها في مكان واحد. والغرائب تكثر فيها المناكير وقد كانوا يجمعونها لأجل المذاكرة والإعراب ونحو ذلك. والله الموفق.
ومما يؤخذ على ابن حزم - رحمه الله - تضعيفه المطلق للدالاني وهو يزيد ابن عبد الرحمن.
فقد قال أبو حاتم:
((صدوق ثقة)) .
وقال ابن معين، وأحمد، والنسائي:
((ليس به بأس)) .
وقال الحاكم:
((إن الأئمة المتقدمين شهدوا له بالصدق والإتقان)) وضعفه ابن سعد، وابن حبان، وابن عبد البر فمثل لا يجوز أن يطلق فيه الضعف كما فعل ابن حزم.
والحديث ضعفه الشيخ العلامة المحدث أحمد شاكر في ((شرح الترمذي)) (١/ ١١٢- ١١٣) ، وكذا في ((شرح المسند)) ) رقم ٢٣١٥) ولكنه خالف ذلك في تعليقه على ((المحلي)) ، (١/ ٢٢٦- ٢٢٧) فقال:
والحديث في رأينا حسن الإسناد ... ويزيد ليس ضعيفاً ضعفاً تطرح معه رواياته ... ثم ساق فيه ما تقدم من كلام الأئمة، ثم قال: وعادة المتقدمين رحمهم الله الاحتياط الشديد، فإذا رأوا زاد عن رواية في الإسناد شيخاً، أو كلامنا لم يروه غيره، بادروا إلى إطراحه والإنكار على راوية، وقد يجعلون هذا سبباً في الطعن على الراوي الثقة، ولا مطعن فيه، وبظهر للنظر في الكلام على هذا الحديث أنه سبب طعنهم على أبي خالد، ورميهم له بالخطأ، أو التدليس، والحق أن الثقة إذا زاد في الإسناد روايا، أو في لفظ الحديث كلاما، كان هذا أقوى دلالة على حفظه وإتقانه، وأنه علم ما لم يعلم الآخر، أو حفظ ما نسيه، وإنما مخالفة لا يمكن بها الجمع بين الروايتين، فاجعل هذه القاعدة على ذكر منك، فقد تنفع كثيراً في الكلام على علل الأحاديث)) أهـ‍.
قلت: لست أدري أي القولين هو المتأخر عند الشيخ أبي الأشبال أهو القول بالتضعيف، أم بالتحسين؟؟! على أنه يظهر لى - ة\والله أعلم - أن الأول أرجح، لأن التعليق الشيخ على ((المحلى)) قديم، لكنه لم = =يشر لا في ((شرح الترمذي)) ، ولا في ((شرح المسند)) إلى رجوعه عن ذلك التحسين، فالله أعلم بحقيقة الحال. غير أن نظرا على ما قاله حول تحسين الحديث.
وهذا النظر يتلخص في وجوه:
الأول: أن الشيخ بنى رأية في تحسين الإسناد على إثبات ثقة الدالاني وعد تأثير الجرح الذي فيه، ولئن سلمنا له ذلك - جدلاً - فأين بقية العلل التي ذكرتها قبل ذلك؟!!
وهل سيقف الشيخ عند رأيه بالتحسين؟!!
الثاني: قوله ((وعادة المتقدمين.... الخ)) . فهذا يشعر أن طرح رواية الرواي لأدق خطأ كان عادة لجميعهم وهو خطأ بلا ريب، وإلا فمن الذي يعري عن الخطأ، ومخالفة غيره من الثقات ظ! وإنما هذا كان لبعضهم كيحيى القطان / وأبي الرازي وغيرهما، ومع ذلك إن شاء الله تعالى.
الثالث: قوله: ((والحق، أن الثقة إذا زاد في الإسناد.... الخ))
فهذا القول ليس محله هنا؛ لأن هذا القول = كما هو ظاهر - يبع فيه الشيخ أبو الأشبال الذهبي في ذبه عن على بن المديني كما في ((الميزان)) ، ونحن نسلم للشيخ إن كان المخالف مثل على بن المديني، وأحمد بن حنبل وإضراب هؤلاء السادة، بحيث يكاد الجرح الذي فيه لا سيما وقد خالفه سعيد بن أبي عروبة، وهو من أثبت الناس في قتادة، فرواه عن قتادة، عن ابن عباس قوله. فخالف الدالاني في موضعين:
الأول: أنه أسقط ذكر ((أبي العالية)) .
الثاني: أنه أوقفه على ابن عباس، ولم يرفعه وسعيد بن أبي عروبة أوثق من الدالاني بغير شك، فمخالفته - أعنى الدالاني. مرجوحة.
وأما نكارة الحديث، فإنه أوجب الوضوء على من اضطجع نائماً وقد قال أنس رضي الله عنه:
((كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون)) .
أخرجه مسلم (٣٧٦/ ١٢٥) ، وأبو عوانة (١/ ٢٦٦) ، وأبو داود (٢٠٠) ، والترمذي (٧٨) ، وأحمد، والدارقطني (١/ ١٣٠، ١٣١) وغيرهم من طرق عن قتادة، عن أنس.
وهذا الحديث قال فيه ابن المبارك - كما عند الدارقطني -:
((هذا عندنا وهم جلوس)) . وقريباً منه عند الترمذي عنه (١/ ١١٣) .
قلت: ولفظ الحديث محتمل لذلك، ولكن في ((مسند البزار)) (ج ١/ قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يضعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ. قال الهيثمي في ((المجمع (١/ ٢٤٨) :
((رجاله رجال الصحيح)) .
وقال الحافظ في ((الفتح)) (١/ ٣١٥) :
((إسناده صحيح)) . ... =
=وقوله: ((يضعون جنوبهم)) صريح في الدلالة على المطلوب ويؤيده حديث ابن عمر:
((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شغل عن صلاة العشاة ليلة فأخرها، حتى رقدنا في المسجد، ثم استيقظنا، ثم رقدنا، ثم استيقظنا، ثم خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ((ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم)) .
أخرجه البخاري (٢/ ٥٠- فتح) واللفظ له، ومسلم (٦٣٩/ ٢٢١) ، وأبو عوانة (١/ ٣٦٨) ، والنسائي (١/ ٢٦٧- ٢٦٨) وأحمد (٢/ ٨٨، ١٢٦) وغيرهم عن نافع، عن ابن عمر وفي الباب عن عائشة وابن عباس وغيرهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في ((الفتاوى)) (٢١/ ٣٩٣) : تعقيباً على هذه الرواية:
((وكان الذين يصلون خلفه جماعة كثيرة، وقد طال انتظارهم وناموا، ولم يستفصل أحداً، ولا سئل، ولا سأل الناس: هل رأيتم رؤيا؟ أو هل مكن أحدكم مقعدته؟ أو هل كَانَ أحدكم مستندا؟ وهل سقط شيء من أعضائه على الأرض؟ فلو كان الحكم يختلف لسألهم. وقد علم أنه في مثل هذا الانتظار بالليل - مع كثرة الجمع - يقع ذلك كله. وقد كان يصلي خلفه النساء والصبيان)) . أهـ‍.
فالحاصل أن النوم بذاته ليس ناقضا للوضوء، فالنوم على أي وضع غير مستلزم للوضوء إلا أن يغلب عليه فيغيب عن الوعي، لكن إذا شك حال نومه هل خرج منه ريح أم لا؟ فلا ينتقص بناء على يقين الطهارة، واليقين لا يزول بالشك.
والعمل في هذا - وفي غيره - يكون بالظن الراجح، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>