=أخرجه أبن طهمان في ((مشيخته)) (١/ ١/ ٩٨- ٩٩) عن نصر أبي جزء عن علي بن الحكم، عن أبي الحسن، عن سعيد بن عامر، قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره. قلت: وهذا سند تالف. ونصر هذا: هو ابن طريف اتهمه ابن معين بالوضع. وتركه النسائي وغيره. وقال أحمد: ((لا يكتب حديثه)) . وقال الفلاس: ((.. حدث بأحاديث ثم مرض، فرجع عنها، ثم صح فعاد إليها)) !! يعني أحاديث مختلفة. هذه علة والعلة الثانية: أن أبا الحسن هذا هو الجوزي. قال ابن المديني: ((مجهول)) . ووافقه الحافظ في ((التقريب)) . والعلة الثالثة: هي الانقطاع بين أبي الحسن، وسعيد بن عامر الصحابي فإنه من المحال أن يدرك أبو الحسن الجوزي هذا الصحابي الجليل. لأن أبا الحسن إنما يروي عن مقسم مولى ابن عباس. ومقسم نفسه لم يدرك سعيد بن عامر لأنه توفي قديماً سنة (٢٠هـ) من خلافة الفاروق - رضي الله عنه - وقد ترجم البخاري في ((الكنى)) (ص ٢١) لأبي الحسن، وساق له شيئاً يرويه عن أبي أسماء الرحبي فالذي يروي عن مقسم، وعمرو بن مرة، وأبي أسماء الرحبي لا يمكن أن يدرك سعيد بن عامر. والله أعلم. وبعد سقوط السند، فالمتن أيضاً باطل لأنه يناقض صريح الكتاب والسنة. أما الكتاب الكريم، فقد قال الله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} ٢/١٥٥.وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} ٣/ ١٨٦.
وأما السنة، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان دينه صلباً، اشتد بلاؤه، وان كان في دينه رقة، ابتلى على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)) .
أخرجه النسائي في ((الكبرى)) - كما في ((الأطراف)) (٣/ ٣١٨) ، والترمذي (٢٣٩٨) ، وابن ماجه (٤٠٢٣) ، والدارمي (٢/ ٢٢٨) ، وأحمد (١/ ١٧٢- ١٧٤، ١٨٠، ١٨٥) ، وفي ((الزهد)) (ص ٥٣) ، وابن أبي شبية (٣/ ٢٣٣) ، والطحاوي في ((المشكل)) (٣/ ٦١) ، وابن حبان (٦٩٩، ٧٠٠) ، والحاكم (١/ ٤١) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (١/ ٣٦٨) من طريق الطيالسي وهو في ((مسنده)) (٢١٥) ، والدورقي في ((مسند سعد ابن أبي وقاص)) (ج١/ق٦/٢) ، وبحشل في ((تاريخ واسط)) (ص٢٨٣) ، وأبو يعلى في ((مسنده)) (٢١٥) ، والدورقي في ((مسنده)) (ج ٢/ رقم ٨٣٠) ، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (١٤٦) ، وابن سعد في ((الطبقات)) (٢/ ٢٠٩) ، والخطيب في ((التاريخ)) (٣/ ٣٧٨- ٣٧٩) ، والبيهقي (٣/ ٣٧٢- ٣٧٣) ، والبغوي في ((شرح السنة)) = = (٥/ ٢٤٤) من طرق عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص مرفوعاً فذكره. قال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)) . قلت: وسنده حسن لأجل عاصم، ولكنه توبع. تابعه العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص مرفوعاً به. أخرجه ابن حبان (٦٩٨) ، والحاكم (١/ ٤٠- ٤١) . وسنده صحيح. وللحديث شواهد أخرى. فيظهر مما ذكرته أن الحديث الباب باطل، لا ريب في ذلك وقد روي بلفظ آخر أقل نكارة من هذا وهو: ((إن لله ضنائن من عباده، يغذوهم في رحمته، ويجييهم في عافيته، وإذا توفاهم، توفاهم إلى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كالليل المظلم، وهم في عافية)) . أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (ج ١٢/ رقم ١٣٤٢٥) ، والعقيلي في ((الضعفاء)) (٤/ ١٥٢) ، وأبو نعيم في ((الحلية)) (١/ ٦) ، والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (١/ ١٣٩ - ١٤٠) من طريق إسماعيل بن عياش، نا مسلم بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً به. قال العقيلي: ((مسلم بن عبد الله عن نافع، مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ.. ثم قال: والرواية في هذا الباب فيها لين)) . وقال الذهبي في ((الميزان)) (٤/ ١٠٥) : ((مسلم بن عبد الله، لا يعرف، والخبر منكر تفرد به عنه إسماعيل بن عياش)) . أهـ. وأقره الحافظ في ((اللسان)) (٦/ ٣٠) .