أخرجه يعقوب بن سفيان في ((المعرفة)) (٣/ ٢٥٥) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (٢/ ٥٩٦) ، وفي ((الأوائل)) ) ق ١٥/ ١) ، والطبراني في ((الكبير)) (١٤٣/ ١/ ٤٧) ، والبيهقي في ((الدلائل)) - كما في ((البداية والنهاية)) (٣/ ٦٦) - وكذا أبو يعلى في ((مسنده)) ، وابن مردويه - كما في ((الدر المنثور)) (٥/ ١٤٤) - من طريق بشار بن موسى الحفاف، ثنا الحسن بن زياد، إمام مسجد محمد بن واسع، قال: سمعت قتادة يقول: ثنا النضر بن أنس، عن أنس قال: خرج عثمان مهاجر إلى أرض الحبشة ومعه ابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما احتبس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خبرهم فكان يخرج فيتوكف عنهم الخبر، فجاءته امرأة فأخبرته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صحبهما الله، إن عثمان ٠٠٠ فذكره. ... =
=قلت: وسنده ضعيف جداً. فأما بشار بن موسى فضعفه الأكثرون. قال ابن معين، والنسائي: ((ليس بثقة)) . وزاد ابن معين ((من الدجالين)) ! وضعفه أبو زرعة، وأبو داود، وابن المديني، وعمرو بن علي وقال البخاري: ((منكر الحديث، قد رأيته، وكتبت عنه، وتركت حديثه)) . وأما أحمد فكان حسن الرأي فيهِ، هذا لا يقدم إِلى قول الجارحين وإن جنح إليه ابن عدي. والحسن بن زياد ليس هو اللؤلؤي الكذاب، صاحب أبي حنيفة، وإنما هو البرجمي، قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ٨١) : ((لم أعرفه)) . وله شاهد من حديث أسماء بنت أبي بكر، قالت: ((كنت أحمل الطعام إلى أبي وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالغار، فاستأذنه عثمان في الهجرة، فأذن له في الهجرة إلى الحبشة، فحملت الطعام فقال لي: ما فعل عثمان ورقية؟ قلْتُ:: قدْ سار، فالتفت إلى أبي بكر وقال: ((والذي نفسي بيده، إنه أول من هاجر بعد إبراهيم ولوط. ((أخرجه ابن منده في ((الصحابة)) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عنها قالَ الحافظ في ((الإصابة)) (٧/ ٦٤٩- ٦٥٠) : ((سنده واه، وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان إِلى الحبشة كانت حين هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وهذا باطل؛ إلا أن كان المراد بالغار غير الذي كانا فيه لما هاجرا إلى المدينة!! ، والذي عليه أهل السير أن عثمان رجع إلى مكة من الحبشة مع من رجع، ثم هاجر بأهله إلى المدينة، ومرضت بالمدينة لما خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر، فتخلف عثمان عليها عن بدر، فماتت يوم وصول زيد بن حارثة مبشراً بوقعة بدر ٠٠)) أ. هـ. قلت: وهذا تحقيق بديع من الحافظ رحمه الله، غير قوله: ((إلا أن كان المراد بالغار ٠٠٠ الخ)) . فهذا احتمال فيه تعسف وتكلف، لأنه يخالف الحقائق الثابتة في السيرة. والله أعلم. وبالجملة: فالحديث منكر. ولا يغتر بإيراد الحافظ له في ((الفتح)) (٧/ ١٨٨) ساكتاً عليه، بل كأنه احتج به!! فإنه خلاف التحقيق. والذي تحرر عندي أنه ليس كل حديث يسكت عليه الحافظ في ((الفتح)) يكون حسناً أو نحوه كما صرح هو بذلك، فقد أخل بشرطه هذا في مواضع كثيرة ٠٠ وعذره: أن الشارح قد يشترط على نفسه شرطاً فيوفى به زمناً ثم لا ينشط لتحقيق كل حديث لا سيما في مثل ((فتح الباري)) فإن فيه جمهرة كثيرة من الأحاديث، وتحرى إيراد الثابت منها أمر لعله يصعب حتى على مثل الحافظ ابن حجر مع سعة دائرة حفظه، وجودة علمه، والإحاطة لله تعالى وحده. ولعله يكون عذراً مقبولاً. والله تعالى أعلم.