أخرجه أبو داود (٩٤٥) ، والنسائي (٣/٦) ، والترمذي (٣٧٩) ، وابن ماجة (١٠٢٧) ، والدارمي (١/٢٦٣) ، وعبد الرزاق (٢٣٩٨، ٢٣٩٩) ، وأحمد (٥/ ١٥٠، ١٦٣، ١٧٩) ، وابن خزيمه (٢/١٨٣) ، والحميدى (١٢٨) ، والبيهقي (٢/ ٢٨٤) من طريق الزهري، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر مرفوعاً.. فذكره. قال الترمذي: ((حديث حسن)) . قلت: بل ضعيف؛ لأمرين: الأول: أن أبا الأحوص، مجهول قال ابن القطان ((لا يعرف له حال)) وقال ابن معين: ((فيه جهالة)) . فتعقبه ابن عبد البر بقوله: ((قد تناقض ابن معين في هذا، فإنه سئل عن أكيمة، وقيل له: لم يرو عنه غير ابن شهاب فقال: يكفيه قول ابن شهاب: حدثني ابن أكيمة. فيلزمه مثل هذا في أبي الأحوص)) . أهـ. قلت: وهذا إلزام بما لا يلزم لأن أبا الأحوص وعمارة بن أكيمة وإن لم يرو عنهما غير الزهري لكن ابن أكيمة أحسن حالاً من أبي الأحوص. وبيانه: أن أبا الأحوص قد نص بعض أهل العلم على جهالته. أما عمارة بن أكيمة: فقد قال يعقوب بن سفيان: ((هو من مشاهير التابعين بالمدينة)) . وقال أبو حاتم: ((صحيح الحديث حديثه مقبول)) . نقله عنه ولده في ((الجرح والتعديل)) (٣/ ١/٣٦٢) . ووقع في ((التهذيب)) (٧/ ٤١٠) : ((صالح تحديث)) . ووثقه يحيى بن سعيد القطان، مع تعنته. وذكر ابن حبان في ((الثقات)) . بل قال ابن البر: ((إصغاء سعيد بن المسيب إلى حديثه دليل على جلالته عندهم)) فلا يمكن أن يسوي هذا بهذا. وعلى التنْزل: فلو سلمنا لابن عبد البر إلزام ابن معين، فحاصل الأمر أن أبا الأحوص يقبل حديثه استشهاداً. وهذا يفهم من صنيع الحافظ، فإنه قال فيه: ((مقبول)) . ... = = يعني عند المتابعة. فكيف إذا خولف. وهذا هو: الوجه الثاني:
أن أبا الأحوص كنا نُحسن حديثه إذا توبع، أما إذا خولف، فلا. فقد خالفه مجاهد، فرواه عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شيء، حتى عن مسح الحصى! . فقال: ((واحدة)) . أخرجه الطيالسي (٤٧.) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد به. وكذا أخرجه عبد الرزاق (٢/٤٠/٢٤٠٤) .
قال الطيالسي: ((وقال سفيان: عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه)) . أهـ. قلت: وقد تكلم بعض أهل العلم في سماع عبد الله بن أبي نجيح من مجاهد. فقال ابن حبان: ((روى عن مجاهد من غير سماع)) . وخص بعضهم هذا التفسير فقط. وصنيع الطيالسي - رحمه الله - يشير إلى أن مجاهداً إنما أخذه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقد أخرجه عبد الرزاق في ((مصنفه)) (٢/٣٩/٢٤٠٦) ، وأحمد (٥/١٦٣) ، والطحاوي في ((المشكل)) (٢/١٨٣) ، وابن خزيمة (٢/٦.) من طريق سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بنأبي ليلى، عن أبي ذر، قال ... فذكره باللفظ السابق. قلت: وسنده ضعيف لأجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد تقدم في الحديث السابق حاله. لكن يشهد لحديثه ما أخرجه البخاري (٣/٧٩ ? فتح) ، ومسلم (٥٤٦) ، وأبو عوانة (٢/١٩٠، ١٩١) ، وأبو داود (٩٤٦) ، والنسائي (٣/٧) ، والترمذي (٣٨.) ، وابن ماجه (١٠٢٦) ، وأحمد (٣/٤٢٦) ، والطيالسي (١١٨٧) ، والدارمي (١/٢٦٣) ، وابن خزيمة (٢/٥١) ، وابن الجارود (٢١٨) ، والبيهقي (٢/٢٨٤) من طريق يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، عن معيقيب - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في مسح الحصى في المسجد، فقال: ((إن كنت فاعلاً، فواحدة)) . وقد رواه عن يحيى بن أبي كثير جماعة، منهم: ((شيبان بن عبد الرحمن، وهشام الدستوائي، والأوزاعي. وخالفهم معمر بن راشد في إسناده. فرواه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة مرسلاً. أخرجه عبد الرزاق (٢/٤٠/٢٤٠٦) . = =ورواية الجماعة أرجح بلا ريب. فالحاصل أن حديث الباب معمول بجهالة أبي الأحوص، ثم بالمخالفة، وقد قال ابن خزيمة لما أخرج حديث الباب: ((باب ذكر الخبر المفسر للفظة المجملة التي ذكرتها، والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أباح مس الحصى في الصلاة مرة واحدة)) . والحمد لله على التوفيق.