للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسبانيا، مع جميع نسائهم وأولادهم وعددهم وأقواتهم، في جموع لا تحصى ولا تقدر، وحملوا كل ما استطاعوا من الأسلحة والذخائر، كأنما عولوا على البقاء في أرض فرنسا، ثم اخترقوا مقاطعة جيروند، واقتحموا بوردو، وقتلوا الناس، ونهبوا الكنائس، وخربوا كل البسائط، وساروا حتى بواتيو ... " (١).

وتقول أخرى: " ولما رأى عبد الرحمن أن السهول قد غصت بجموعه، اقتحم الجبال، ووطيء السهول بسيطها ووعرها، وتوغل مثخنا في بلاد الفرنج، وسحق بسيفه كل شىء، حتى أن أودو حينما تقدم لقتاله على نهر الجارون وفر منهزما أمامه، لم يكن يعرف عدد القتلى سوى الله وحده، ثم طارد عبد الرحمن الكونت أودو، وحينما حاول أن ينهب كنيسة تور المقدسة ويحرقها، التقى بكارل أمير فرنج أوستراسيا، وهو رجل حرب منذ فتوته، وكان أودو قد بادر بإخطاره. وهناك قضى الفريقان أسبوعاً في التأهب، واصطفا أخيراً للقتال، ثم وقفت أمم الشمال كسور منيع، أو منطقة من الثلج لا تخترق، وأثخنت في العرب بحد السيف ".

" ولما أن استطاع أهل أوستراسيا (الفرنج)، بقوة أطرافهم الضخمة، وبأيديهم الحديدية، التي ترسل من الصدر تواً ضرباتها القوية، أن يجهزوا على جموع كبيرة من العدو، التقوا أخيراً بالمك (عبد الرحمن) وقضوا على حياته. ثم دخل الليل ففصل بين الجيشين، والفرنج يلوحون بسيوفهم عالية احتقارا للعدو. فلما استيقظوا في فجر الغد، ورأوا خيام العرب الكثيرة كلها مصفوفة أمامهم، تأهبوا للقتال معتقدين أن جموع العدو. جاثمة فيها. ولكنهم حينما أرسلوا طلائعهم، ألفوا جموع المسلمين، قد فرت صامتة تحت جنح الليل، مولية شطر يلادها. على أنهم خشوا أن يكون هذا الفرار خديعة يعقبها كمين من جهات أخرى، فأحاطوا بالمعسكر حذرين دهشين. ولكن الغزاة كانوا قد فروا، وبعد أن اقتسم الفرنج الغنائم والأسرى فيما بينهم بنظام، عادوا مغتبطين إلى ديارهم " (٢).


(١) هذه هي رواية القديس دني Saint Denis - وردت في موسوعة Bouquet. ووردت في هذه الموسوعة أيضا أقوال آخرين من الرواة الأحبار.
(٢) هذه هي رواية إيزيدور الباجي وهو معاصر للموقعة. راجع Creasy: ibid , Ch.VII و Hodgkin,Charles the Great;Ch.III، وكذلك Gibbon: ibid ,Ch.LII ففيها تنقل هذه التفاصيل أو تلخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>