أعظم مهمة شغلت خوان فى أواخر عهده، هى السعى إلى تزويج ولده فرناندو من زوجه الثانية، بالأميرة (إيسابيل) القشتالية (١)، وقد كلل سعيه بالنجاح فى تحقيق هذا المشروع الخطير الذى كان إيذاناً باتحاد أراجون وقشتالة فى مملكة اسبانية موحدة.
واستطال حكم خوان الثانى حتى سنة ١٤٧٩ م، وقد بلغ الثمانين من عمره وكف بصره، فترك العرش لولده فرناندو، الذى قدر له أن يضطلع مع زوجه إيسابيلا، بأعظم دور فى العمل لإنشاء اسبانيا الكبرى.
[٣ - اسبانيا النصرانية المتحدة]
لما توفى هنرى الرابع ملك قشتالة فى سنة ١٤٧٤ م، ثارت حول وراثة العرش مشكلة دقيقة. ذلك أن الملك هنرى لم يترك سوى ابنة طفلة هى خوانا (جنه). وكانت مع ذلك يشك فى نسبتها إليه، وتنسب أبوتها إلى صديقه وصفيه الدوق بلتران دى لاكويفا، ومن ثم كان اسمها الذائع خوانا بلترانيخا. وكان يناصرها فريق صغير من النبلاء. بيد أن الأميرة إيسابيلا أخت الملك هنرى، كانت بالعكس تتمتع بعطف الشعب القشتالى، ويناصر وراثتها للعرش فريق كبير من النبلاء، وكان أخوها هنرى قد اعترف بحقها فى العرش، وأيدها الكورتيس (مجلس النواب) فى ذلك، عقب وفاة أخيها ألفونسو فى سنة ١٤٦٨ م، ومن ثم فقد كان حقها فى وراثة العرش أمراً واضحاً.
وكانت الملكة إيسابيلا قد تزوجت قبل وفاة أخيها ببضعة أعوام، بابن عمها الأمير فرناندو الأرجونى ولد الملك خوان الثانى. ولهذا الزواج الذى مهد لتوحيد اسبانيا النصرانية قصة طريفة. فقد كانت الأميرة إيسابيلا مذ كبرت مطمح الأنظار لما يؤهلها لعرش قشتالة من الاحتمالات القوية. وكان خوان الثانى ملك أراجون يتوق إلى خطبتها لابنه فرناندو لما يربط أسرتى قشتالة وأراجون من أواصر القربى الوثيقة، ويقرّب سبل الإتحاد بين الفريقين. وكان فرناندو أول المتقدمين لخطبة الأميرة، ولكن أخاها الملك هنرى لم يكن راضياً عن ترشيحه؛ وكان ينافسه فى خطبتها عدة من الأمراء والنبلاء منهم كبير فرسان قلعة رباح، وقد وافق أخوها
(١) هى فى التواريخ القشتالية "دونيا إيسابيل" أى السيدة إيسابيل Dona Isabel، أو Ysabel. ولكنا نؤثر تسميتها بإيسابيلا تمشياً مع التواريخ الغربية.