المطلق التى ألفها فى قشتالة، ويتبرم بالحدود والقيود التى وضعها الدستور الأرجونى للحد من سلطان العرش. والواقع أن الحريات الدستورية كانت فى أراجون، أرسخ وأكثر نضوجا منها فى قشتالة، وكان ذلك يرجع إلى طبيعة الشعب الأرجونى، وشدة مراسه، وتعلقه بمبادىء الحرية، وهى صفات لم تكن تروق فى تلك العصور لملوكية رجعية، تحرص على سلطانها المطلق.
ولما توفى فرناندو الأول فى سة ١٤١٦ م، خلفه على عرش أراجون، ولده ألفونسو الخامس المعروف بألفونسو " الشهم " El Magnanimo، على أن ْألفونسو الخامس لا يكاد يمثل فى تاريخ أراجون، وإنما يمثل بالأخص فى تاريخ إيطاليا ومملكة نابل. وقد ورث ألفونسو عرش صقلية مع عرش أراجون، واستطاع بعد حوادث وخطوب جمة أن يفتتح مملكة نابل وأن يجلس على عرشها (١٤٤٢ م). واستقر ألفونسو فى نابل، وترك حكم أراجون والأراضى التابعة لها لأخيه خوان (يوحنا)، يحكمها باسمه ومن قبله. وبسط ألفونسو على نابل وصقلية حكمه الفخم، وسطع بلاطه بين القصور الإيطالية، وكان نصيراً للعلوم والآداب والفنون، يأخذ فى تعضيدها بقسط وافر، شأن معاصريه من الأمراء والبابوات الذين ساهموا فى بعث النهضة، وسطعوا فى عصر الإحياء (الرينصانص).
ولما توفى فى سنة ١٤٥٨ م، دون عقب شرعى، ترك مملكة نابل لولده غير الشرعى فرناندو، وجلس أخوه خوان على عرش أراجون باسم خوان الثانى.
وكان خوان الثانى أميراً وافر العزم والمقدرة، ولكنه كان فى الوقت نفسه طاغية خطر الأهواء والأساليب. وشغل خوان عن شئون أراجون الداخلية، بكفاحه فى سبيل الحصول على عرش نافارا، باعتباره زوجا ووريثا لملكتها بلانش، وكذلك شغلته ثورة ولده الأمير كارلوس المعروف بأمير فيانا مدى حين، وكان ينافس أباه فى الحصول على عرش نافارا ويرى أنه أحق منه بميراث أمه. وحاول خوان بتحريض زوجه الثانية جنه هنريكيز أن يحرم ولده من نيابة العرش، فثار إلى جانبه فريق من الشعب الأرجونى، ونشبت بين الأب والإبن عدة وقائع انتهت بوفاة الإبن فى سنة ١٤٦١ م. وقيل إنه توفى مسموماً بيد زوج أبيه.
وكذلك ثار الشعب القطلونى معلناً استقلاله. وشغل خوان بضعة أعوام حتى استطاع أن يخمد هذه الثورة الخطيرة (١٤٧٢ م). وكذلك نشبت الحرب بين أراجون
وفرنسا، من أجل ولاية روسيّون الفرنسية، وهزم خوان غير مرة. على أن