المعركة الخالدة بين الأندلس واسبانيا النصرانية. تضاؤل قوة الأندلس. قيام مملكة غرناطة. مرحلة جديدة فى الصراع. طبيعة هذا الصراع. العوامل القومية والدينية. نزعة الجهاد عند المسلمين. النزعة الصليبية عند النصارى. قيام الجماعات الدينية المحاربة فى اسبانيا. ضعف العامل الدينى فى بداية النضال. السيد الكمبيادور. المرتزقة النصارى فى الجيوش الإسلامية. التجاء الأمراء النصارى إلى حماية الملوك المسلمين. زواج الأمراء المسلمين بنساء من النصارى. ابن مردنيش. التحالف بين المسلمين والنصارى. التعاون بينهما أيام السلم. الفروسة وعلائق المودة. طبيعة حرب الإسترداد. صبغتها الدينية فى مراحلها الأخيرة.
يبدأ بقيام مملكة غرناطة فوق أنقاض الدولة الإسلامية الكبرى فى اسبانيا، طور جديد من أطوار الصراع الخالد بين الأندلس واسبانيا النصرانية، أو بعبارة أخرى طور جديد فيما يمكن أن نسميه فى تلك المرحلة المتأخرة من تاريخ الأندلس حرب الإسترداد القومية.
وقد بدأت اسبانيا النصرانية حرب الاسترداد القومية La Reconquista منذ منتصف القرن الخامس الهجرى، أعنى حينما انهارت الدولة الإسلامية القوية، وانتثرت إلى عدة دويلات صغيرة متنافسة هى دول الطوائف. وبلغت الأندلس أيام الطوائف من التفرق والضعف مبلغاً عظيماً، حتى لاح لاسبانيا النصرانية أن عهد الدولة الإسلامية أوشك على الزوال، وأن الفرصة قد سنحت لتضرب ضربتها الحاسمة. وكانت مملكة قشتالة تتزعم اسبانيا النصرانية، وتقودها فى ميدان الصراع مع المسلمين، وكان ملكها أيام الطوائف ألفونسو السادس، يعمل بذكاء لاستغلال منافسة الدول الإسلامية وتفرق كلمتها، ويغلب أميراً على أمير، حتى انتهى بالاستيلاء على مدينة طليطلة من يد صاحبها يحيى بن ذى النون، وذلك فى صفر سنة ٤٧٨ هـ (مايو سنة ١٠٨٥ م). وكانت طليطلة أول قاعدة إسلامية عظيمة تسقط فى يد اسبانيا النصرانية. ويعتبر بعض الباحثين سقوطها ختام مرحلة التفوق السياسى الذى احتفظت به الدولة الإسلامية فى شبه الجزيرة منذ الفتح، وبدأ مرحلة التفوق السياسى لإسبانيا النصرانية (١) وعلى أى حال فقد كان سقوط
(١) Isidro de las Cagigas: Los Mudéjares, p. ٤٥.mmmmmm