عبد الملك بن المنصور يتولى الحجابة وتدبير المملكة. إشادة الرواية الإسلامية بعهده وبخلاله. يحذو حذو أبيه في سياسته نحو المغرب. يتابع سنته في الغزو. خروجه إلى الغزو ومسيره إلى الثغر الأعلى. عيثه في أراضي برشلونة. عوده إلى قرطبة واستقبال هشام له. جلوسه في الزاهرة. سفارة أمير برشلونة. إحتكام أميرى قشتالة وجليقية إليه. غضب سانشو غرسية وعدوانه. مسير عبد الملك لغزو قشتالة. غزوه لمملكة ليون. غزوة بنبلونة. استقباله لسفير القيصر في مدينة سالم. غزوة قلونية أو غزاة النصر. إتخاذ عبد الملك لقب المظفر بالله. قصة هذا اللقب ومرسومه. استئنافه للغزو واختراقه لقشتالة. الغزوة السابعة أو غزاة العلة. مرضه وتفرق جيشه. وفاته. ما قيل عن اغتياله بالسم. موقفه من الخليفة هشام. إنهماكه في الشراب واعتماده على الغلمان والوزراء. الوزير عيسى ابن القطاع. المنافسة بينه وبين الفتيان. تغلب الفتى طرفة واستئثاره بالسلطة. تغير عبد الملك عليه. القبض عليه وإعدامه. ابن القطاع يسترد نفوذه وسلطانه. كبرياؤه وتعسفه. الوقيعة في حقه. استظهار عبد الملك بالصقالبة والبربر. سخط الأسر العربية لذلك. تآمر ابن القطاع على إزالة بني عامر. وقوف عبد الملك على المؤامرة. بطشه بالوزير وأصحابه. استرداده لسائر السلطات. صفات عبد الملك وخلاله.
لما توفي المنصور بن أبي عامر بمدينة سالم، في السابع والعشرين من رمضان سنة ٣٩٢ هـ، بعد أن ألقى إلى ولده عبد الملك، وصيته ونصائحه الأخيرة، بادر عبد الملك بالعودة إلى قرطبة، تاركاً لأخيه الأصغر عبد الرحمن، أمر العناية بمواراة أبيه، والعودة بالجيش. وما كاد يصل إلى العاصمة، حتى بادر برؤية الخليفة هشام المؤيد، واستصدر منه المرسوم بتوليته الحجابة، وجلس في الحكم مكان أبيه بالزاهرة. وتلى نص المرسوم بالمسجد الجامع، وأنفذت الكتب إلى الجهات، وإلى عدوة المغرب، معرفة بوفاة المنصور وتولية ابنه عبد الملك تدبير المملكة مكانه. وكان لوفاة المنصور وقع عظيم بقرطبة، فحزن الناس لفقده أيما حزن، وأدرك العقلاء أن رزءاً فادحاً نزل بالإسلام والأندلس.
واعتقد فريق من الفتيان المروانيين بالقصر، وبعض الناقمين من العناصر الأخرى، أن الفرصة قد سنحت، للتحرر من نير الحكم القائم، والعود إلى النظام الخلافي، ولكن السلطات العامرية كانت ساهرة. فقبضت في الحال على عدد من المحرضين،