قضية الموريسكيين مشكلة قومية لإسبانيا. استحالة العرب المتنصرين إلى شعب جديد. تشعب الآراء حول التخلص منهم. ولاية فيليب الثالث. مشروع دوق دى ليرما للقضاء على الموريسكيين. تقرير المطران ربيرا ومقترحاته. مجلس الدولة يبحث مشروع نفى الموريسكيين. مقترحات اللجنة الملكية. قرار مجلس الدولة. الإستعداد للتنفيذ. صدور مرسوم النفى النهائى. ما يحتويه المرسوم من الأحكام. موقف الموريسكيين. تظلم المدجنين. بدء التنفيذ فى بلنسية. الرحيل إلى وهران وتلمسان. المنفيون من لقنت. مقاومة الموريسكيين فى بعض الأنحاء. إعلان قرار النفى فى قشتالة. إحصاءات عن المنفيين. إعلان قرار النفى غرناطة. إعلانه فى باقى الجهات. تفرق المنفيين فى مختلف الثغور. الإعتداء على المنفيين. عدد الموريسكيين الذين أخرجوا من اسبانيا. رواية موريسكية عن أحوال الموريسكيين وظروف النفى. رواية المقرى عن مأساة النفى. روايات عربية أخرى. آثار الموريسكيين الأخيرة فى اسبانيا.
تلك هى البواعث والظروف التى حملت اسبانيا النصرانية، على التوجس من العرب المتنصرين، واعتبارهم خطراً قومياً يجب العمل على درئه والتخلص منه. وكان هذا التوجس يزيد على كر الأعوام، وتذكيه الحوادث المتوالية: ثورات الموريسكيين ولاسيما ثورة غرناطة الكبرى، وغارات القراصنة على الشواطىء الإسبانية، وصلات الموريسكيين الدائمة بمسلمى إفريقية وبلاط قسطنطينية؛ وسواء أكان هذا الخطر حقيقياً يهدد سلامة اسبانيا، أم كان للتحامل والبغض أثر فى تصويره، فقد غدت قضية العرب المتنصرين، غير بعيد فى نظر السياسة الإسبانية، مشكلة قومية خطيرة يجب التذرع لمعالجتها بأشد الوسائل وأنجعها.
وكانت السياسة الإسبانية، تعتزم منذ أواخر عهد فيليب الثانى، أن تتخذ خطوتها الحاسمة، فى شأن الموريسكيين. وكان هذا الملك المتعصب يعتزم نفى الموريسكيين بعد الذى عانته اسبانيا فى قمع ثورتهم، ووضع بالفعل فى سنة ١٥٨٢ مشروعاً لنفيهم، ولكن مشاغل السياسة الخارجية حالت دون تحقيق مشروعه. وكان قد مضى يومئذ زهاء قرن على سقوط غرناطة، واستحالت بقية الأمة الأندلسية إلى شعب جديد، لا تكاد تربطه بالماضى المجيد سوى ذكريات