للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأوّل

دولة بني جهور في قرطبة

نهاية الخلافة الأموية، أبو الحزم بن جهور واختياره لرياسة الحكومة. نشأته ونباهة بيته. ولايته قرطبة. حكومة الجماعة. أوضاعها ورسومها. مثيلاتها في الجمهوريات الإيطالية، سياسة ابن جهور وإجراءاته الإدارية والمالية. موقفه من أسطورة ظُهور هشام المؤيد. وفاته وقيام ولده أبي الوليد مكانه. وزراؤه. ابن حيان وابن زيدون. محنة ابن زيدون وفراره. ابن السقاء يتولى الأمور. مصرعه. الخلاف بين عبد الملك وعبد الرحمن ولدى أبي الوليد. المأمون بن ذى النون يحاول غزو قرطبة. استنصار عبد الملك بابن عباد. غدر ابن عباد واستيلاء جنده على المدينة. نهاية الدولة الجهورية. موقف المؤرخ ابن حيان وتعليق ابن بسام عليه.

تحدثنا فيما تقدم، في الفصل الثاني من الكتاب الرابع من " دولة الإسلام في الأندلس "، عما حدث من تقلب خلافة قرطبة بين أعقاب بني أمية، وبين المتغلبين من بني حمود، وكيف أنه عندما غادر علي بن حمود قرطبة في المحرم سنة ٤١٧ هـ إلى مالقة، ثار القرطبيون وفتكوا بالحامية البربرية، وأجمعوا على رد الأمر لبني أمية، وكان عميدهم في ذلك الوزير أبو الحزم جَهْور بن محمد بن جهور.

وفي ظل هذا التحول، بويع بالخلافة هشام بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الناصر (ربيع الأول ٤١٨ هـ)، وتلقب بالمعتد بالله، وقدم من منفاه في ألبونت إلى قرطبة في أواخر سنة ٤٢٠ هـ، ولبث في الخلافة زهاء عامين، أساء فيهما السيرة حتى سخط عليه أهل قرطبة وقرروا خلعه، فغادر المدينة ناجياً بنفسه وولده (ذو القعدة ٤٢٢ هـ). وأجمع القرطبيون بعد فشل هذه التجربة الأخيرة، على إلغاء الخلافة والتخلص نهائياً من بني أمية، وإجلائهم جميعاً عن المدينة، وكان عميدهم ورائدهم في ذلك هو أيضاً أبو الحزم بن جهور، وكان هذا الوزير القوي النابه، يستأثر نظراً لماضيه التالد، ورفيع مكانته، ووفرة حزمه ونضجه، بمحبة الشعب وثقته وتأييده.

وغدت قرطبة على أثر ذلك دون خلافة ودون حكومة. وكانت الأنظار كلها تتطلع إلى ذلك الزعيم، الذي عاون غير مرة برأيه وحسن تدبيره، في

<<  <  ج: ص:  >  >>