طليطلة نذيراً خطيراً للأمة الأندلسية، يذكرها بقوة العدو المتربص بها، ويحذرها عاقبة التنابذ والتفرق، فاجتمعت كلمة أمراء الطوائف يومئذ على الاستعانة بإخوانهم فيما وراء البحر، فى عدوة المغرب. وكان المرابطون يومئذ قد بسطوا سلطانهم على سائر بلاد المغرب، وبدت دولتهم قوية شامخة، فاستجاب زعيمهم يوسف بن تاشفين إلى صريخ الأندلس. وعبر البحر بقواته إلى الأندلس. وكانت هزيمة اسبانيا النصرانية على يد جيوش المغرب والأندلس فى موقعة الزلاّقة (٤٧٩ هـ - ١٠٨٦ م) فاتحة حياة جديدة للأمة الأندلسية. وبالرغم من أن المرابطين استولوا على الأندلس بعد ذلك بأعوام قلائل وبسطوا حكمهم عليها، فقد استمد الإسلام فى اسبانيا من قوتهم قوة جديدة، وعاد الصراع الخالد بين الدولة الإسلامية وبين اسبانيا النصرانية، يضطرم فى نوع من تكافىء القوى. ولما اضمحل سلطان المرابطين فى الأندلس بعد ذلك بنحو ستين عاماً، وخلفهم الموحدون فى ملك المغرب والأندلس، لبثت الدولة الإسلامية حقبة أخرى فى شبه الجزيرة عزيزة قوية الجانب نوعاً، وإن كانت قد فقدت فى تلك الفترة بعض قواعدها التالدة، مثل سَرقُسطة التى سقطت فى يد النصارى سنة ٥١٢ هـ (١١١٨ م) وبقية قواعد الثغر الأعلى التى سقطت بعد ذلك بفترة قصيرة. وأحرز الإسلام للمرة الثانية على النصرانية نصراً حاسما فى موقعة الأرك الشهيرة، التى انتصرت فيها جيوش يعقوب المنصور خليفة الموحدين على جيوش ألفونسو الثامن ملك قشتالة (٥٩٣ هـ - ١١٩٥ م)، وانكمشت اسبانيا النصرانية مدى حين، ولكنها عادت فاجتمعت كلمتها تحت لواء ألفونسو الثامن، وسارت الجيوش النصرانية المتحدة إلى لقاء المسلمين بقيادة خليفة الموحدين محمد الناصر ولد يعقوب المنصور، وأصيب المسلمون فى موقعة العقاب بهزيمة فادحة (٦٠٩ هـ - ١٢١٢ م) وأخذ سلطان الموحدين فى الأندلس يتداعى من ذلك الحين، وبدأ مصير الأندلس يهتز فى يد القدر، وبدت اسبانيا النصرانية يومئذ فى أوج سلطانها وقوتها. ولم تمض فترة وجيزة أخرى حتى بدأت قواعد الأندلس العظيمة، تسقط تباعاً فى يد النصارى: قرطبة (٦٣٣ هـ) فبلنسبة (٦٣٦ هـ) فمرسية (٦٤١ هـ) فشاطبة ودانية (٦٤٤ هـ) فإشبيلية (٦٤٦ هـ). وهكذا سقطت عدة من قواعد الأندلس التالدة ومنها عاصمة الخلافة القديمة فى يد اسبانيا النصرانية فى مدى عشرة أعوام فقط، ولقيت الأندلس أعظم محنها فى تلك الفترة العصيبة، ولاح لاسبانيا mmmmmm