للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طليطلة مخترقاً أراضي قشتالة، والتقى بالقشتاليين بقيادة ملكهم ألفونسو على مقربة من كونسويجرا، فهزم النصارى هزيمة فادحة، وفر ألفونسو في فلوله نحوكونسويجرا والتجأ إليها، فحاصره المرابطون بها بضعة أيام ثم انصرفوا (أغسطس سنة ١٠٩٧ م).

وقصد يوسف إلى قرطبة، لينجز المهمة التي قدم في الواقع من أجلها إلى الأندلس، وهي أخذ البيعة لولده أبي الحسن علي. وكان قد استقدمه معه هو وأخوه الأكبر أبو الطاهر تميم (١)، وكان يوسف قد آثر ولده علياً بولاية عهده، لما آنسه فيه من الورع والنباهة والحزم، وأصدر له عهده بذلك في سنة ٤٩٥ هـ. وفي شهر ذي الحجة من سنة ٤٩٦ هـ جمع يوسف بقرطبة أمراء لمتونة وأشياخ المرابطين والفقهاء، وأخذ البيعة عليهم جميعاً لولده علي، وكان من شروط تقديم علي لولاية العهد، أن ينشىء بالأندلس جيشاً مرابطياً ثابتاً قوامه سبعة عشر ألف فارس، موزعة على قواعد الأندلس، منها سبعة آلاف بإشبيلية، وألف بكل من قرطبة وغرناطة، وأربعة آلاف في شرقي الأندلس، ويوزع الباقي على الثغور (٢). وكان من الواضح أن اختيار يوسف قرطبة لأخذ البيعة بها لولده، يمت بصلة وثيقة إلى صفة عاصمة الخلافة القديمة، وزعامتها الأدبية السالفة لقواعد الأندلس.

وفي أواخر سنة ٤٩٨ هـ، مرض أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بقصره بحضره مراكش، واستمر عليلا زهاء عام وشهرين، حتى توفي في مستهل شهر محرم سنة ٥٠٠ هـ (٢ سبتمبر ١١٠٦ م) (٣). وقيل بل توفي في ربيع الآخر سنة خمسمائة.

وكانت وفاته بقصره بمراكش، ومن حوله ولداه أبو الحسن علي وأبو الطاهر تميم، وأكابر لمتونة، ودفن بالقصر، وأوصى ولده علياً قبيل وفاته بثلاثة أمور، الأول ألا يفعل شيئاً لإثارة أهل جبل درن ومن وراءه من المصامدة وأهل القبلة، والثاني أن يهادن بني هود أمراء سرقسطة وأن يتركهم حائلا بينه وبين النصارى، والثالث أن يعطف على من أحسن من أهل قرطبة، وأن يتجاوز عمن أساء منهم (٤).


(١) الحلل الموشية ص ٥٥. ويقول ابن أبي زرع إن علياً كان عندئذ بسبتة حيث نشأ (روض القرطاس ص ١٠١).
(٢) الحلل الموشية ص ٥٨.
(٣) روض القرطاس ص ١٠١ ويقول ابن خلكان إنه توفي في الثالث من المحرم سنة ٥٠٠ هـ (ج ٢ ص ٤٤٨).
(٤) الحلل الموشية ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>