العرش حتى أحبط خطط الفتح، التي أنفق الوليد وسليمان طويلا في تدبيرها " (١) ونحن مع الفريق الأول نكبر شأن بلاط الشهداء أيما إكبار، ونرى أنها كانت أعظم لقاء بين الإسلام والنصرانية، وبين الشرق والغرب، ففي سهول تور وبواتييه فقد العرب سيادة العالم بأسره، وتغيرت مصائر العالم القديم كله، وارتد تيار الفتح الإسلامي أمام الأمم الشمالية، كما ارتد قبل ذلك بأعوام أمام أسوار قسطنطينية، وأخفقت بذلك آخر محاولة بذلتها الخلافة لافتتاح أمم الغرب، واخضاع النصرانية لصولة الإسلام. ولم تتح للإسلام المتحد فرصة أخرى، لينفد الى قلب أوربا في مثل كثرته وعزمه واعتزازه، يوم مسيره إلى بلاط الشهداء. ولكنه أصيب غير بعيد بتفرق الكلمة، وبينما شغلت إسبانيا المسلمة بمنازعاتها الداخلية، إذ قامت فيما وراء البرنيه إمبراطورية فرنجية عظيمة موحدة الكلمة، تهدد الإسلام في الغرب وتنازعه السيادة والنفوذ.