بعد أن حكم الأندلس زهاء عام ونصف. وهنا نشب الخلاف بين الزعماء والقبائل كرة أخرى، وأصرت اليمنية على أن يكون الأمير منهم خلفاً لأميرهم المتوفي، وأصر الصميل أن يكون الأمير من المضرية، واشتد النزاع بين الفريقين، ووقعت بينهما مصادمات ومعارك عديدة، ولبثت الأندلس بضعة أشهر دون أمير رسمي، وتولى الأحكام فيها عندئذ عبد الرحمن بن كثير اللخمي باتفاق الفريقين. ولما تفاقم الخلاف، وخشي الزعماء عاقبة الفتنة والحرب الأهلية، اتفقوا على تولية يوسف ابن عبد الرحمن الفهري أحد زعماء المضرية، فولى إمارة الأندلس في ربيع الثاني سنة ١٢٩ (يناير ٧٤٧) دون مصادقة أو مراجعة من دمشق أو إفريقية.
وكانت حكومة دمشق قد اضطربت يومئذ شئونها، وأخذت نذر السوء تبدو في الأفق، وشغلت الخلافة الأموية بما يهددها من خطر داهم على سلطانها، وضعف إشراف الحكومة المركزية على الولايات النائية، فاستقلت إفريقية والأندلس كل بشئونها، حتى يستبين المصير، وتستقر الأمور.