للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى مفادها أن ولاية تاشفين للأندلس كانت في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وأنه قدم إلى غرناطة في السابع والعشرين لذي حجة من هذا العام (١).

وعلى أي حال فإن حديث غزوات تاشفين في شبه الجزيرة يبدأ بالفعل قبل هذا التاريخ. ويستفاد من رواية صاحب روض القرطاس أن تاشفين قد عبر إلى شبه الجزيرة منذ سنة ٥٢٠ هـ، وأنه خرج في أواخر هذا العام أو أوائل العام التالي في جيشه، وفي أجناد الولايات، غازياً إلى أراضي طليطلة، فعاث في أحوازها، واقتحم اثنين من حصونها، ثم سار نحو الغرب، والتقى بالنصارى في موضع يعرف " بفحص الضباب " فهزمهم هزيمة شديدة، وافتتح ثلاثين حصناً من حصون هذه المنطقة وكتب إلى أبيه بالفتح (٢).

وقام الأمير تاشفين بعد ذلك بعدة غزوات في أراضي قشتالة، وخاض مع القشتاليين معارك عديدة. وبالرغم من أن الرواية العربية تحدثنا عن غزوات تاشفين ووقائعه في عبارات حماسية، فإنها لا تقدم إلينا تفاصيل شافية عن هذه الوقائع.

وكذلك فإن الرواية النصرانية ليست دقيقة ولا واضحة في هذا الموطن.

وفي وسعنا أن نتتبع غزوات الأمير تاشفين وحروبه مع النصارى منذ سنة ٥٢٢ هـ (١١٢٨ م)، ففي تلك السنة غزا القشتاليون أراضي الأندلس بجيش ضخم، ووصلوا في زحفهم إلى جبال الكرس، على مقربة من قلعة رباح، فخرج الأمير تاشفين إلى لقائهم، فارتدوا عائدين إلى بلادهم.

وفي العام التالي، أعني في سنة ٥٢٣ هـ (١١٢٩ م)، سير الأمير تاشفين جيش إشبيلية بقيادة واليها عمر بن سير اللمتوني، فأغار على أطراف قشتالة، فخرج إليه زهاء ثلاثمائة فارس للعدو وقاتلوه بشدة، فانهزم المرابطون، وقتل وأسر الكثير منهم. وكانت هذه الهزيمة ترجع بالأخص إلى تهاون عمر بن سير وعدم تحوطه، فرفع أمره إلى أمير المسلمين علي بن يوسف، فألزمه بدية من أسر، وعزله عن ولاية إشبيلية، وولى مكانه الأمير أبا زكريا يحيى بن علي الحاج.

وفي سنة ٥٢٤ هـ (١١٣٠ م) انحدرت القوات القشتالية جنوباً حتى أصبحت على مقربة من قرطبة، فاستغاث واليها عبد الله بن تينغمر بالأمير تاشفين، فبادر إليها في قواته، فارتد القشتاليون أدراجهم، ولم يشاءوا الاشتباك مع المرابطين،


(١) البيان المغرب (الأوراق المخطوطة - هسبيرس ص ٩١).
(٢) روض القرطاس ص ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>