للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقيادة بكو بن علي بن يوسف، ومعه يطي بن اسماعيل، وكان الموحدون بقيادة محمد البشير، ووقعت المعركة في الجروبة، فانهزم المرابطون، وسقطت محلاتهم ومتاعهم ودوابهم وسائر أسلابهم في أيدي الموحدين؛ ثم وقعت معركة ثالثة أمام أغمات، وكان المرابطون قد جمعوا أشتات قواتهم واستعدوا للقاء الموحدين من جديد، وانضمت إليهم حشود عظيمة من أهل أغمات. وكانت القوات الموحدية عندئذ بقيادة عبد المؤمن بن علي وأبى حفص عمر بن أصناج، وأبى عمران موسى بن تماري. فنشبت بين الفريقين معركة هائلة، هزم فيها المرابطون، وقتل منهم ومن أهل أغمات جموع غفيرة، واستولى الموحدون على سائر محلاتهم وعتادهم وسلاحهم (١). ثم زحف الموحدون على مراكش، ورابطوا تجاه باب الشريعة، وكان علي بن يوسف قد حشد في تلك الأثناء قواته، واستعد للقاء الموحدين أعظم استعداد، وبلغ الجيش المرابطي يومئذ زهاء مائة ألف مقاتل ما بين فارس وراجل، وكان تحت إمرة الزبير بن علي بن يوسف. والتقى الجمعان في ظاهر مراكش، فكتب عبد المؤمن تنفيذاً لتوصية المهدي، إلى علي بن يوسف يدعوه إلى ما يدعوا إليه المهدي، من قمع البدع، وإحياء السنة، والمبادرة إلى بيعة المهدي، فرد عليه أمير المسلمين يحذره عاقبة مفارقة الجماعة، ويذكره الله في سفك الدماء وإثارة الفتنة (٢)، فلم يلتفت عبد المؤمن لتحذيره، ونشبت بين الفريقين معركة هائلة، هزم فيها المرابطون، وقتلت منهم جموع غفيرة، وهرعت فلولهم مرتدة إلى المدينة، فازدحموا على الأبواب في الدخول، ومات منها في الزحام خلق كثير، وفر علي بن يوسف إلى داخل المدينة من باب المخزن، وأغلقت المدينة أبوابها فاحتاط بها الموحدون وضربوا حولها الحصار.

واستمر حصار الموحدين لمراكش زهاء أربعين يوماً. وكان ما يزال بداخل المدينة جموع ضخمة من القوات المرابطية ومنها زهاء أربعين ألف فارس، وأعداد لا تحصى من الرجالة، وكان المرابطون يخرجون من وقت لآخر لقتال الموحدين، وتنشب بين الفريقين تحت الأسوار معارك طاحنة، يفنى فيها الكثير من الجانبين، وكان من أعنف ما وقع من هذه المعارك، معركة هزم فيها المرابطون قبالة باب دُكّالة، وهلك منهم عدد جم خلال الزحام الهائل، الذي وقع عند دخولهم من هذا


(١) ابن القطان في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره).
(٢) المراكشي في المعجب ص ١٠٦ و ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>