تعاليق الإمام المعصوم، المهدي المعلوم، رضي الله عنه، مما أملاه سيدنا الإمام الخليفة أمير المؤمنين أبو محمد عبد المؤمن بن علي أدام الله تأييدهم، وأعز نصرهم ومكن سعودهم ". ومعنى ذلك أن الكتاب لم يصل إلينا من المهدي مباشرة، وأن الذي نقل إلينا تعاليم المهدي وآراءه ودونها، هو تلميذه عبد المؤمن بن علي أول خلفاء الموحدين.
ويضم هذا الكتاب فصولا وأبواباً عديدة، ويشتمل على الكلام عن الجهل والشك والظن، والأصل والفرع والتواتر، وعن الصلاة، وكون الشريعة لا تثبت بالعقل، وعن العموم والخصوص، وعن العلم، وعن العقيدة ووجود الباري سبحانه، وعن التنزيهات والتسبيحات، ثم الكلام عن الإمامة وعلامات المهدي، وعن طوائف المبطلين من الملثمين والمجسمين وعلاماتهم، وعن الطائفة التي تقاتل عن الحق وتقوم بأمر الله، وعن علاماتها وخواصها، وعن التوحيد وثبوته، وما يتعلق بذلك من الإيمان بالله ورسوله، وعن تحريم الخمر وما ورد في ذلك، ويختتم الكتاب بفصل عن الجهاد، وهو منسوب للخليفة أبى يعقوب يوسف ولد الخليفة عبد المؤمن.
- ١ -
يفتتح المهدي كتابه بهذه الفقرة الرنانة التي أضحى مستهلها عنواناً لكتابه وهي: " أعز ما يطلب، وأفضل ما يكتسب، وأنفس ما يدخر، وأحسن ما يعمل، العلم الذي جعله الله سبب الهداية إلى كل خير، هو أعز المطالب، وأفضل المكاسب، وأنفس الذخائر، وأحسن الأعمال ".
وأول ما يلفت النظر في أسلوب الكتاب جزالته، فالمهدي رغم أصوله ونشأته البربرية، يقدم الينا آراءه في أسلوب قوي، وبيان عربي متين، ولكنه إلى جانب ذلك مولع بالتصنيف والتقسيم، يكثر من ذلك في كل باب وفصل، وهذه النبذة التي يبدأ بها المهدي كتابه، والتي يحدثنا فيها عن فضل العلم وطرقه، تعتبر نموذجاً لما يتبعه في سائر الفصول من التصنيف والتقسيم المستمر لعناصر موضوعاته وآرائه:
" والذي يستعين به طالب العلم على فتح ما انغلق، وكشف ما التبس، إخلاص النية، واغتنام الفوائد، والحرص على الزيادة، والرغبة إلى الله في