مروان في فل من صحبه إلى الشام، فسار في أثره عبد الله بن علي، وحاصر دمشق واقتحمها في الخامس من رمضان من نفس العام. وفر مروان إلى فلسطين ثم إلى مصر. فبعث " السفاح " في أثره جيشا بقيادة عمه صالح بن علي، فلحق به في مصر، وظل يطارده من مكان إلى مكان، حتى ظفر به في قرية بوصير على مقربة من الجيزة. وهنالك مزقت البقية الباقية من أنصار بني أمية، وقتل مروان آخر الخلفاء الأمويين بالمشرق، وأرسل رأسه إلى "السفاح" وذلك في السابع والعشرين من ذى الحجة سنة ١٣٢هـ (٦ أغسطس سنة ٧٥٠ م).
وهكذا انهارت دعائم الدولة الأموية بسرعة مدهشة، وقامت على أنقاضها دولة بني العباس. ولا ريب أن أكبر الفضل في تحطيم ذلك الصرح الشامخ، يرجع إلى جهود تلك الشخصية العظيمة ونعني أبا مسلم الخراساني. كان أبو مسلم إحدى هذه العبقريات الشاملة، التي تتفتح في معترك الإنقلابات الحاسمة، وتقوم على سواعدها الدول العظيمة. وكانت دعوة الشيعة وإمامة آل البيت مبعث هذا الانقلاب وروحه. ولكن بني العباس ما كادوا يتبوأون ذلك الملك الباذخ، حتى غلبت عليهم عصبية الأسرة، وألفوا في أبي مسلم منافساً تخشى عواقبه، وفي الدعوة الشيعية خطراً يجب القضاء عليه. فلم تمض أعوام قلائل حتى قتل أبو مسلم (شعبان سنة ١٣٧هـ)، قتله أبو جعفر المنصور أخو أبي العباس وخلفه. ثم تتبع زعماء الشيعة وولد علي بن أبي طالب بالقبض والمطاردة، حتى مزق شملهم وسحق دعوتهم. واستخلص بنو العباس تراث بني أمية لأنفسهم. وقامت تلك الدولة العباسية الزاهرة، تصل تاريخ الإسلام في المشرق، وتسير به إلى عصر جديد من العظمة والبهاء.