للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، حتى أقلع الموحدون عنها دون طائل. ولما وقع الشقاق بين ابن همشك، وبين حليفه وصهره محمد بن سعد بن مردنيش، ودخل ابن همشك في دعوة الموحدين (٥٦٢ هـ)، بعث وزيره الوقشي إلى بلاط مراكش ليسعى في إنجاده ضد صهره. وينوه ابن الأبار بمكانة الوقّشي الأدبية، ويقول لنا إن له " تحقق بالإحسان، وتصرف في أفانين البيان " ويشير إلى أن الشاعر ابن غالب الرصافي، قد مدحه في ديوانه " وأعرب عن جلالة شأنه " ثم يقارنه بأبى جعفر بن عطية، وقد كان كلاهما، من مفاخر الأندلس " وكانا متعاصرين في الكفاية متكافئين، ولذاك في النثر مزية هذا في الشعر ". وقد أورد لنا ابن الأبار طائفة من شعر الوقّشي، ومن ذلك قوله يصف الشقائق:

وشقائق لاحت على الأغصان ... مثل الخدود تزان بالخيلان

يهفو النسيم مع الأصائل والضحى ... فيهز منها معطف النشوان

فكأنها قضب الزمرد ألصقت ... بالمسك فيها أكؤس العقيان (١)

وذكر ابن عبد الملك في التكملة، أن الوقّشي مدح الأمير أبا يعقوب يوسف ابن عبد المؤمن بقصيدة مطلعها:

أبت غير ماء النخيل ورودا ... وهاجت به عذب الحمام مرودا

وقالت لحاديها أتم زيادة ... على العشر في وردي له فأزيدا

ومنها في الحث على الجهاد:

ألا ليت شعري هل يُمد لي المدى ... فأبصر خيل المشركين طريدا

وهل بعد يقضي في النصارى بنصرة ... تغادرهم للمرهقات حصيدا

ويغزو أبو يعقوب في شنت ياقب ... يعيد عميد الكافرين عبيدا (٢)

وتوفي الوقّشي بمالقة في سنة ٥٧٤ هـ (١١٧٨ م).

ومن أعلام الأدب الذين ظهروا في العصر المرابطي، أبو الحسن عبد الملك ابن عباس بن فرج بن عبد الملك المعروف بابن الأزرق، وهو من أهل قرطبة، وكان كاتباً بليغاً وشاعراً مقتدراً، كتب عن قاضي الجماعة أبى القاسم بن حمدين في أواخر عهد المرابطين، ولما ثار أبو جعفر بن حمدين وانتزع الرياسة لنفسه، خشى ابن الأزرق العاقبة، وفر إلى إشبيلية، وانقطع إلى العبادة، في بعض


(١) أورد لنا ابن الأبار في الحلة السيراء ترجمة ضافية للوقشي (ص ٢٣٠ - ٢٣٦).
(٢) الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي (الجزء الأول من مخطوط باريس لوحة ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>