ولاية لوزيتانيا في العصر القديم تشمل الرقعة الغربية الواقعة جنوبي جليقية المحاذية للشاطىء فيما بين مصب نهر دويرة ومصب نهر وادي يانة. وكانت لوزيتانيا أيام الرومان تكون مع ولاية بتيكا (باطقة) أو الأندلس، القسم الجنوبي الغربي من اسبانيا الرومانية، وتسمى بإسبانيا السفلى. ولما غزت القبائل الجرمانية شبه الجزيرة الإسبانية في أوائل القرن الخامس الميلادي، نزل الوندال والشوابيون في ولاية لوزيتانيا. ولما عبر الوندال إلى إفريقية، احتل الشوابيون لوزيتانيا كلها، واستمروا بها زهاء نصف قرن حتى أجلاهم القوط عنها، فارتدوا شمالا إلى جليقية، واحتل القوط لوزيتانيا، وعاصمتها يومئذ مدينة ماردة، وذلك في أوائل النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي، ثم استولى القوط بعد ذلك على اسبانيا كلها، ما عدا قسمها الشمالي الذي استمر عصراً آخر بيد الشوابيين، حتى افتتحه القوط في أواخر القرن السادس. وكانت لوزيتانيا تكون عندئذ إقليماً من الأقاليم الستة التي قسمت إليها المملكة القوطية. ولما افتتح المسلمون اسبانيا، بقيت لوزيتانيا على وضعها القديم، وعاصمتها ماردة، ومن مدنها قلمرية وأشبونة وشنترة وشنترين. وكانت ماردة أيام الدولة الأموية، بالأخص منزل المولدين، وكانت مثل طليطلة، من المدن المتمردة الثائرة، تضطرم بها الثورة على حكومة قرطبة من آن لآخر، وكانت أيام الفتنة الكبرى في مقدمة القواعد الخارجة، وقد ثار بها بنو الجلّيقي، واستقلوا بحكمها عصراً.
وكان القسم الجنوبي من ولاية لوزيتانيا وهو الذي بقى بأيدي المسلمين، يعرف بولاية الغرب الأندلسية، أو غربي الأندلس. ولما قامت دول الطوائف تغلب على هذه المنطقة بنو الأفطس، واتخذوا من بطليوس قاعدة لإمارتهم.
وكان حكمهم يمتد من منتصف وادي نهر وادي يانة حتى المحيط، ويشتمل على قسم من وادي نهر التاجُه، يمتد شمالا حتى مدينة قلمرية (١)، ويشتمل على ثغر أشبونة، وشنترين ويابرة. أما القسم الشمالي من ولاية لوزيتانيا، وهو الذي يمتد من مدينة براجا شمالا، وقلمرية جنوباً، فكان النصارى قد تغلبوا عليه شيئاً فشيئاً، وافتتح فرناندو الأول ملك قشتالة معظم قواعده من المسلمين، وآخرها مدينة قلمرية، وقد افتتحها سنة ١٠٦٤ م (٤٥٦ هـ)، وجعل فرناندو من من هذه المنطقة ولاية مستقلة باسم " البرتغال " بالاشتقاق من اسم " بورتو كالي "
(١) قلمرية وتسمى أيضاً قلنبرية هي بالافرنجية Columbria Combra