للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيوسف بن عبد الرحمن الفهري، وربما كان من أبناء عمومته (١). بيد أنه كان من زعماء الفهرية وزعماء الثورة على بني أمية. وكانت حركة الصقلبي في تدمير، كحركة العلاء بن مغيث من قبل في باجة، ولكنها كانت أشد خطراً، لأن الصقلبي سعى إلى التفاهم مع زعيم الثورة في الشمال سليمان بن يقظان وتحالف معه (٢). والظاهر أن هذا التحالف كان بعد عبور الفرنج إلى إسبانيا وموقعة باب شيزروا. ولكن ابن يقظان لم يف بوعده في إمداده لقتال عبد الرحمن الأموي، فغضب منه وسار لقتاله، فهزمه ابن يقظان في ظاهر برشلونة. فعاد إلى تدمير ولبث مدى أشهر ينظم قواته وأهبته، ولكن عبد الرحمن لم ينتظر حتى يهاجمه، بل سار بنفسه، وهاجمه بشدة، وأحرق سفنه الراسية بالساحل، حتى لا يجد سبيلا إلى الفرار، فارتد الصقلبي بفلوله إلى جبال بلنسية واستعصم بها، وهنا لجأ عبد الرحمن إلى سلاح الاغتيال مرة أخرى، فدس على الصقلبي بعض أصدقائه فاغتاله وحمل رأسه إليه، وانهارت بذلك دعوته وثورته (سنة ١٦٢ و١٦٣ هـ: ٧٧٨ - ٧٧٩ م).

ووقعت بعد ذلك عدة ثورات محلية عني عبد الرحمن بقمعها قبل أن يسير إلى الشمال، فقد ثار دحية الغساني ببعض حصون إلبيرة (غرناطة)، وكان دحية من أصدقاء عبد الرحمن ومن قادته، ولكنه نكث بعهده ولحق بالفاطمي، فلما هلك الفاطمي، فر إلى إلبيرة وأعلن بها الثورة، فأرسل عبد الرحمن إليه جيشا ضيق عليه الحصار حتى أخذ وقتل. وثار إبراهيم بن شجرة بحصن مورور،


(١) يقول دوزي إنه كان صهرا ليوسف الفهري متزوجا بإحدى بناته (ج ١ ص ٢٤٢) ولكنه لم يبين مصدرا لقوله، ولم نجد في المراجع العربية ما يؤيده.
(٢) يقدم إلينا دوزي ثورة ابن يقظان وحلفائه وعلاقة الصقلبي به في صورة أخرى، فيقول لنا، إن هذا التحالف كان يضم ابن يقظان والحسين بن يحيى والصقلبي ومحمد بن يوسف الفهري، وانهم اتفقوا جميعا على استدعاء الفرنج إلى اسبانيا، وساروا جميعا إلى لقاء شارلمان في بادربورن، واتفق على أن يقوم ابن يقظان بمعاونة شارلمان في غزوته بينما يقوم الصقلبي بحشد البربر في إفريقية ثم يعبر بهم إلى تدمير ليشغل عبد الرحمن بحركته (دوزي ج ١ ص ٢٤٠ - ٢٤١). ولكنا لا نوافق دوزي على هذا التصوير أولا لأن المصادر العربية تشير إلى مثل هذا التحالف الرباعي، وتتفق جميعا في اعتبار حركة الصقلبي حركة مستقلة لا علاقة لها بغزوة الفرنج، ومن جهة أخرى فإنه لا يوجد في الروايات اللاتينية المتعلقة بغزوة شارلمان لإسبانيا ما يشير إلى هذا التحالف، وثانيا لأن محمد بن يوسف الفهري أحد أركان هذا التحالف لم يفر من سجنه كما سنرى إلا بعد ذلك ببضعة أعوام. راجع: ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٥٧، والبيان المغرب ج ٢ ص ٥٨، وابن الأثير ج ٦ ص ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>