للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المدافعون عن الربض الخارجي قد أقاموا حواجز يستطيعون الاعتصام بها، والدفاع منها. فاقتحم الموحدون الربض وهدموا أحياءه المتصلة بالسور، وهدموا الكنيستين اللتين به، وقتل كثير من المدافعين عنه، وارتد الباقون إلى القصبة، واعتقد القادة الموحدون أن السبيل ممهد لاقتحام المدينة وأخذها، وأعدت بالفعل السلالم اللازمة لاقتحام الأسوار. وفي يوم الجمعة ١٩ ربيع الأول ٢٩ يونيه)، هاجم الموحدون الأسوار، واشتبكوا مع قوة من النصارى خرجت لقتالهم فهزموها وردوها صوب القصبة. وفي صبيحة اليوم التالي - السبت - تجدد القتال بين الموحدين وبين النصارى، واستمر القتال بين الفريقين حتى يوم الاثنين الحادي والعشرين من ربيع الأول (٢ يوليه). ونشبت بينهما خلال ذلك عدة معارك عنيفة. وتقدم إلينا الروايات النصرانية عن هذه المعارك صوراً مختلفة، ويقول بعضها إن المعارك لبثت تضطرم بين النصارى والموحدين في الربض الخارجي للمدينة خمسة أيام، وأن الموحدين بالرغم من خسائرهم لبثوا يجددون هجماتهم، حتى حطمت سائر الحواجز والتحصينات بالربض، وأضحى الموقف مستحيلا، واضطر النصارى إلى اللجوء إلى ناحية القصبة. وهذه الرواية تقترب في جملتها من أقوال الرواية الإسلامية. بيد أن بعض الروايات النصرانية تقدم إلينا مزاعم لا يستطيع أن يسيغها العقل، ولاسيما الرواية المنسوبة إلى الحبر الإنجليزي راؤول دي ديستو، وخلاصتها أن الموحدين وصلوا إلى شنترين في يوم القديس خوان، أعني في يوم ٢٤ يونيه، وحاصروها، وأنهم بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال من القتال المستمر، نجحوا في اقتحام المدينة من ثلمة أحدثوها. ولكن وصل في اليوم التالي أسقف بورتو وابن الملك وقتلوا من الموحدين خمسة عشر ألفاً، وسدوا تلك الثلمة بجثثهم. وفي اليوم الذي يليه وصل أسقف شنت ياقب ومعه عشرون ألف مقاتل، وفي الفجر قتلوا ثلاثين ألفاً من الموحدين (١).

بيد أنه وقفت في اليوم الختامي لهذه المعارك، وهو يوم الاثنين ٢١ ربيع الأول (٢ يوليه) بالعسكر الموحدي مفاجأة مذهلة، وهي صدور أمر الخليفة بالكف عن القتال، وكان الأمر قد صدر في نفس الوقت بتحرك الجيش من موضع نزوله إلى موضع آخر، أو من شرقي شنترين إلى غربها وشمالها حسبما يقول صاحب


(١) H. Miranda: Ibid ; C. R. de Diceto y Cronica de Alfonso Enriquez
p. ٢٩٧ & ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>