للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو البسيط الذي يسمى " مائدة الملك " Mesa del Rey ، وقد شهدناه من بعد أولا، ولاح لنا أنه بالفعل، مستدير أو بيضاوى كالمائدة، ومن ثم كان الاسم الذي أطلق عليه. وتنحرف جوانب هذه القمة إلى أسفل الوادي، مغطاة بالخضرة، وإلى جانبها الأيمن مرتفعات متعددة صاعدة ونازلة. وهذا المرتفع المستدير، يمتد كما قلنا من الجانبين إلى مسافات شاسعة يطلق عليها جميعا نفس الاسم " مائدة الملك "، ويبدو من انبساطها وضخامة مساحتها، أنها كانت بالفعل تصلح محلة للجيوش الغازية.

...

ونحن نستطيع بعد تتبع هذا الوصف لأوضاع المعركة وأماكنها المختلفة، أن نتتبع تحركات الجيش القشتالي والموحدى، وأن نكوّن فكرة واضحة عن مسرح معركة العقاب الحقيقى. وكان النصارى بعد احتلالهم بسيط مورادال الواقع فوق الجبل، قد استطاعوا أن ينتزعوا قلعة كسترو فيرال الإسلامية الواقعة في قمة الجبل والتي وصفناها من قبل، وهي التي تسمى أحيانا بحصن العقاب، وكانت بها حامية موحدية صغيرة، ولكنهم شعروا مع ذلك بحرج موقفهم في ذلك المكان نظراً لوعورته، ونقص وسائل التموين والمياه فيه، وكان لابد لهم بأي حال أن يعبروا جبل الشارات إلى الناحية الأخرى، وكان ذلك متعذراً عليهم نظراً لاحتلال الموحدين سائر ممراته بقوات كافية، ولاسيما ممر لوسا الواقع جنوب غربي الحصن، وهو الذي يفضى إلى سهول تولوسا، والذى لا يمكن لجيش عظيم بأسره اقتحامه. عندئذ اجتمع الملوك النصارى مع قوادهم للبحث عن مخرج لهذا المأزق، وكان الرأي الغالب، هو أن يعود الجيش النصراني أدراجه إلى السهل، ثم يحاول دخول أراضي الأندلس من طريق آخر، ولكن ملك قشتالة عارض في هذا الرأي، لأن أية حركة ارتداد كانت في نظره خطراً على روح الجيش المعنوية، فضلا عن اعتبارها من جانب الأعداء فراراً ونكولا عن خوض المعركة. وهنا تعرض لنا الرواية النصرانية قصة يطبعها لون من الأسطورة، وهي أن راعياً من رعاة هذه الأنحاء، تقدم إلى القادة النصارى، وأخبرهم أنه يستطيع إرشادهم إلى طريق آخر لعبور الجبل، يقع في مرتفع آخر، ويفضى إلى سهل أبدّة، ويمكن أن يسلكه الجيش دون أن يفطن العدو إلى ذلك. فسار معه القائدان لوبث دي هارو،

<<  <  ج: ص:  >  >>