للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغرسية روميرو لمعاينة هذا الطريق، ولما تحققا من صحة كل ما قاله الراعى، بادر الجيش النصراني في نفس اليوم - وهو يوم السبت ١٤ يوليه - بالسير إلى ذلك المرتفع الجديد، واحتلوا بسيطه - وهو البسيط الذي يطلق عليه اليوم اسم " مائدة الملك " Mesa del Rey وهو الذي وصفناه، وبينا موقعه فيما تقدم. وحصنوا ما حوله، وبقيت بقية الجيش النصراني مرابطة من ورائه، واعتبر هذا الراعى المرشد منقذاً أرسله الله (١).

ولم يخف أمر هذه الحركة التي قام بها الجيش النصراني على الموحدين، وقد وقفوا في الحال على مكان عدوهم الجديد، وحاولت فرقة من الفرسان الموحدين عبثاً أن تنتزع هذا المرتفع الجديد من أيدي النصارى. وصدرت أوامر الخليفة الناصر بتعبئة الجيوش الموحدية لخوض المعركة في الحال، ولكن الملوك النصارى آثروا الاعتصام مؤقتاً بمركزهم المنيع، ولم يريدوا بالأخص أن يخوضوا المعركة في يوم أحد، واقتصر الأمر على بعض المناوشات البسيطة بين سريات الفرسان من الفريقين. بيد أنه لم يكن من الميسور على النصارى أن يؤخروا خوض المعركة لأكثر من يوم، أولا لقلة مؤنهم، وخوفهم أن تنضب بسرعة، وثانيا لكون الجيش الموحدي، لبث منذ يوم السبت في حالة تعبئة مستمرة للقتال، وقد يفاجئ الجيش النصراني بالهجوم. وكان الناصر على علم مستمر بأحوال الجيش النصراني، وكانت كل تقديراته تؤكد له تحقيق الظفر المنشود.

وليس لدينا في الرواية الإسلامية تفاصيل شافية، عن التنظيمات التي وضعت للجيوش الموحدية لخوض المعركة، بيد أنه يبدو مما ذكره لنا صاحب روض القرطاس، وكذلك ما يذكره لنا ردريك الطليطلى، وهو من شهود المعركة، أن الجيش الموحدي، قُسم وفق الأوضاع الموحدية من خمس فرق، تتألف الفرقة الأمامية من القوات المتطوعة من مختلف الطوائف، وتتألف قوات القلب والقوات الاحتياطية من الجند الموحدين، وهم أغلبية الجند النظامية، وتتألف الميمنة من القوات الأندلسية، والميسرة من قوات البربر من مختلف القبائل.


(١) وردت هذه التفاصيل وهذه القصة في معظم التواريخ النصرانية الإسبانية. ويراجع في ذلك Primera Cronica General (Ed. Pidal) Vol. II. p. ٦٩٨ ونقلها الأستاذ هويثى في كتابه: ْ Las Grandes Batallas de la Reconquista ; p. ٢٥٠ -. ونقلها أيضا أشباخ في تاريخ المرابطين والموحدين (الترجمة العربية) ص ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>