للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلن طاعته لابن الأحمر. رواية ابن عذارى. تفاهم ملكى قشتالة وأراجون على قمع ثورة مرسية. مسير خايمى إلى مرسية ومحاصرتها. اضطرار الواثق إلى التسليم. سقوط سائر قواعد الشرق في أيدي النصارى. قيام مجتمع المدجنين.

- ١ -

نعود الآن إلى شرقي الأندلس لنتابع ما وقع فيه من الأحداث، وذلك منذ اضطرمت الثورة في بلنسية، وقام بها أبو جميل زيان بن مدافع بن مردنيش الجذامى، عقب انسحاب واليها الموحدي السيد أبي زيد بن أبي عبد الله محمد، وانهيار سلطان الموحدين بالشرق.

وقد ذكرنا فيما تقدم، كيف لجأ السيد أبو زيد إلى ملك أراجون خايمى الأول، وانضوى تحت حمايته، وعقد معه معاهدة، يتعهد فيها بأن يسلمه جزءاً من البلاد والحصون التي يستردها بمعاونته، وكيف انتهى به الأمر بأن اعتنق دين النصرانية، واندمج في القوم الذين لجأ إلى حمايتهم، وأخذ من ذلك الحين يصحبهم في غزواتهم للأراضي الإسلامية.

وكان ذلك في سنة ٦٢٦ هـ (١٢٣٠ م)، قبل أن يسير الملك خايمى إلى غزو الجزائر الشرقية بقليل. ثم كان غزو الجزائر، وافتتاح ميورقة في العام التالي سنة ٦٢٧ هـ (١٢٣١ م)، ثم افتتاح يابسة، وسيطرة الأرجونيين على الجزائر، وذلك في سنة ٦٣٢ هـ (١٢٣٤) م.

في تلك الأثناء كان أبو جميل زيّان أمير بلنسية يعمل على توطيد سلطانه في في بلنسية وأحوازها. وكانت دانية من أملاك ابن هود، وعليها وال من قبله هو الأديب الشاعر أبو الحسن يحيى بن أحمد بن عيسى الخزرجى، وهو والي شاطبة في نفس الوقت (١)، فانتزع زيان منه دانية، وولّى عليها ابن عمه محمدا ابن سبيع بن يوسف بن سعد الجذامى (٢). ولم يكتف زيّان بالعمل على توسيع أملاكه على هذا النحو، ولكنه اعتزم في نفس الوقت أن ينتقم لما قام به النصارى من غزوات مخربة، في أراضي بلنسية، ولاسيما بتحريض السيد أبي زيد واليها المخلوع، وكانت الظروف تتيح له يومئذ أن يحقق بغيته، إذ كان ملك أراجون مشغولا بافتتاح


(١) ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٢٤٩.
(٢) الحلة السيراء ص ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>