للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدد من الأشراف، وفرسان الداوية، والأسبتارية، وقلعة رباح. وكانت برّيانة تتمتع بحصانة فائقة، وقد استعد أهلها المسلمون للدفاع عنها بشدة. وضرب الأرجونيون البلدة بالآلات، وحاولوا اقتحامها غير مرة، وهي صامدة، واستمر الحصار زهاء شهرين، حتى نضبت مواردها وأقواتها، واضطر المسلمون في النهاية إلى التسليم وذلك في شهر يوليه سنة ١٢٣٣ م. ثم استولى الأرجونيون بعد ذلك على قلعة بنشكلة Peniscola صلحاً، ووعد أهلها المسلمون بأن يبقوا على دينهم وشريعتهم، ثم تلتها في التسليم عدة حصون وأماكن منها شفيت، وبريول، وكويفاس، والمصورة، وغيرها من القرى والضياع، الواقعة على ضفة نهر شقر، واستولى الأرجونيون في نفس الوقت على ثغر قسطلونة الهام الواقع على مقربة من شمالي برّيانة، وكان سقوطه في أيدي النصارى أمراً محتوماً بعد استيلائهم على برّيانة، وكان لسقوط هذين الثغرين نتائج هامة، إذ كانا لقربهما من بلنسية يصلحان قواعد لتموين الجيوش الغازية. ونفذ ملك أراجون بعد ذلك في قواته الخفيفة إلى فحص بلنسية ذاته، واستولى على بعض قلاع هذه المنطقة ومنها قلعتا مونكادة ومشروس القريبتين من شمالي بلنسية ذاتها. ووقعت هذه الفتوح الأرجونية كلها في سنة ١٢٣٤ م (٦٣٢ - ٦٣٣ هـ) (١).

ووقف مشروع غزو بلنسية عند هذه المرحلة الأولى من الاستيلاء على معظم المواقع والثغور القريبة من بلنسية، وعاد ملك أراجون إلى بلاده ليعنى ببعض الشئون الداخلية والعائلية.

ومضى نحو عامين، لم تقع خلالهما في إقليم بلنسية سوى بعض غارات أرجونية صغيرة. ولكن ملك أراجون لم ينس خلال مشاغله الداخلية، مشروع فتح بلنسية، ولم ينقطع عن أن يوليه اهتمامه المستمر، وكان يتوق بالأخص إلى أن يحتل حصن أنيشة أو أنيجة المنيع الواقع على مقربة من شمالي بلنسية، على سبعة أميال منها، وهو من أهم حصونها الأمامية، وكان يقع على ربوة عالية تزيد موقعه مناعة، ويشرف على مرج بلنسية وحدائقها (٢)، وكان الأمير زيّان قد


(١) M. Lafuente: Historia General de Espana T. IV. p. ٨٢ & ٨٣
(٢) يسمى الإدريسي هذا الحصن بأنيشة (طبعة دوزى ص ١٩١) وكذا يسميه ابن الأبار (التكملة رقم ١٩٩١)، وابن عبد الملك المراكشي في " الذيل والتكملة " (مخطوط الإسكوريال ١٦٨٤ الغزيري) ويسميه أبو المطرف بن عميره " أنيجة " (الروض المعطار ص ٤٩) وكذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>