للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكاتبا بليغا، أخذ عن أقطاب العصر، وأخذ عنه عدة من الجلة، منهم أبو الربيع ابن سالم، وتوفي بمدينة فاس سنة ٥٩٨ هـ (١).

ومنهم أبو الفضل محمد بن علي بن طاهر بن تميم القيسي من أهل بجاية، ويعرف بابن محشرة. كان عالما متمكنا، وأديبا بارعا، وكاتباً مجيداً، وكان تلميذاً لأبي القاسم القالمي. استدعاه الخليفة أبو يعقوب يوسف ليتولى كتابة السر، فظهر في هذا المنصب بمقدرته، وروعة أسلوبه وبيانه. ولما توفي أبو يعقوب، كتب من بعده لولده الخليفة يعقوب المنصور. وفي مجموعة الرسائل الموحدية، عدد من الرسائل مدبجة بقلمه، تشهد بتفوقه، وتفننه في أساليب البلاغة، وكانت وفاته في سنة ٥٩٨ هـ (٢).

ونستطيع أن نضع بين أعلام كتاب الأندلس في العصر الموحدي، الرحالة ابن جبير، وهو محمد بن أحمد بن جبير بن محمد بن جبير الكنانى، أصله من بلنسية، ونزل أبوه شاطبة، وانتقل إلى غرناطة. ودرس ابن جبير القراءات والحديث، وبرع في الآداب، وبرز في الكتابة والنظم، وكتب في شبابه بسبتة للسيد أبي سعيد عثمان بن عبد المؤمن، ثم كتب لوالى غرناطة، ونال جاها وثراء. ثم تزهد ورحل إلى المشرق لأول مرة في سنة ٥٧٨ هـ، لقضاء فريضة الحج، وسمع الحديث بمكة على أبي حفص اليانشى، وأخذ مقامات الحريرى بدمشق عن أبي طاهر الخشوعى. ثم عاد إلى الأندلس وأخذ بها عليه ما كان عنده، وحُمل عنه شعره في الزهد، وهو كثير. وقام برحلته الثانية إلى المشرق سنة ٥٨٥ هـ، وعاد إلى المغرب. ثم رحل رحلته الثالثة بعد سنة ٦٠١ هـ ودرس بمكة والقدس، وحدث هناك وأخذ عنه. وتوفي بالإسكندرية في شهر شعبان سنة ٦١٤ هـ، ومولده ببلنسية، أو شاطبة سنة ٥٤٠ هـ (٣). ومن أشهر آثار ابن جبير رحلته القيمة المسماة " اعتبار الناسك، في ذكر الآثار الكريمة، والمناسك " أو بعبارة أخصر " رحلة ابن جبير " وفيها يدون مشاهداته وملاحظاته بأسلوب قوي شائق.

وظهر في أواسط العصر الموحدي في ميدان الكتابة بنو عيّاش، وهم من


(١) ترجمته في التكملة رقم ٧٢٢.
(٢) ترجمته في " عنوان الدراية " ص ٣٠، وراجع المعجب ص ١٤٩.
(٣) ترجمته في التكملة رقم ١٥٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>