الكتاب من جديد، بعد أن اجتمعت لدى سائر هذه العناصر الحية. ولقد كان لهذا التجوال المستفيض في مواطن الحوادث، وهذه المشاهدات العديدة، للديار والربوع، أعمق الأثر في نفسي، وفي ذهني، وفي تكييف قلمي، حتى لقد كنت أشعر، حين تدوين الحوادث، وأمام مخيلتي تلك الأماكن والمشاهد، أنني كأنما قد عشت في تلك الأيام، وفي تلك الربوع، وبين أولئك الناس أبطال المأساة، الذين أتتبع سيرهم ومصايرهم.
ولهذا كله، وعلى ضوء كل ما تقدم من الوثائق والنصوص، العربية والقشتالية، التي اجتمعت لي منها أغزر مادة، يمكن أن تجتمع لباحث في هذا الميدان، أرجو أن أكون قد وفقت لأن أضع اليوم بين يدي القارىء، أوفى وأوثق رواية كتبت عن نهاية الأندلس. وعن مأساة العرب المتنصرين.
وإني لأنتهز هذه الفرصة لأقدم جزيل الشكر إلى الآباء المحترمين القائمين على إدارة مكتبة الإسكوريال لما لقيت من جميل عونهم وعنايتهم خلال زياراتي العديدة لهذه المكتبة الجليلة. وإني مازلت أذكر بالأخص بعميق العرفان ما قدمه إلى صديقى المرحوم الأب الجليل نمسيو موراتا أمين مكتبة الإسكوريال السابق، من معاونات قيمة، كما أقدم وافر شكري لمديري وأمناء دور المحفوظات في سيمانقا ومدريد وبرشلونة وبلنسية وغرناطة، ومدير وأمناء مكتبة مدريد الوطنية، لما لقيت من معاوناتهم القيمة خلال بحوثي بها مدى أعوام طويلة. وأود أخيراً أن أعرب عن وافر امتناني وعرفاني، لإخواني القائمين على معهدنا المصرى بمدريد، لما أسدوا إلي في مختلف المناسبات من معاونات قيمة، كان لها أكبر الأثر في تسهيل مهمتى.