للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن جزيرتهم بمنتهى الشدة والبسالة، ولكنهم اضطروا فى النهاية إلى التسليم (صفر سنة ٦٢٧ هـ). ومع ذلك فقد استمرت المقاومة فى شُعَب الجزيرة بعد ذلك حينا، واضطر خايمى أن يعود إليها مرتين حتى أتم إخضاعها فى سنة ١٢٣٣ م، وسلمت منورقة وهى ثانية الجزائر للنصارى بعد ذلك ببضع سنين (١).

وما كاد ملك أراجون يستولى على جزيرة ميورقة حتى وجه عنايته إلى فتح بلنسية، وسار إلى غزوها فى جيش ضخم فى سنة ١٢٣٨ م، (رمضان سنة ٦٣٥ هـ) واستطاع أن ينتزع الحصون الواقعة حولها تباعا. وكانت بلنسية قد سادها الاضطراب والفوضى من جراء الحرب الأهلية، ومع ذلك فقد تأهبت بقيادة أميرها أبى جميل زيان لمقاومة النصارى، وطوق النصارى المدينة من البر والبحر، وبعث الأمير أبو جميل وزيره وكاتبه ابن الأبَّار القضاعى إلى أمير إفريقية (تونس) أبى زكريا الحفصى يستغيث به، وألقى ابن الأبار بين يديه قصيدته الشهيرة التى مطلعها:

أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا

وبادر الأمير أبو زكريا بإغاثة بلنسية، وبعث إليهم بعض الأمداد والمؤن فى عدة سفن، ولكنها لم توفق إلى الاتصال بالمدينة المحصورة، واستمر الحصار أشهراً واشتد الكرب بالمسلمين، وضاعف النصارى هجماتهم حتى اضطرت المدينة المحصورة فى النهاية إلى التسليم بشرط أن يؤمّن أهلها فى النفس والمال، وأن يغادرها من شاء منهم، وكان سقوط بلنسية فى يد النصارى فى ٢٨ سبتمبر سنة ١٢٣٨ م (١٧ صفر سنة ٦٣٦ هـ).

وعلى أثر سقوط بلنسية تابع خايمى غزواته لباقى الأراضى الإسلامية المجاورة لها، واستولى على دانية ولقنت فى سنة ١٢٤٤ م (٦٤١ هـ). ثم استولى على شاطبة وأوريولة فى سنة ١٢٤٦ م (آخر سنة ٦٤٤ هـ). وقرر خايمى أن يجلى جميع السكان المسلمين عن الأراضى التى تم افتتاحها، فهرعت منهم جموع غفيرة إلى مملكة غرناطة حتى ضاقت بسكانها، وهاجر الكثير منهم إلى إفريقية،


(١) تناولنا فتح الأرجونيين للجزائر الشرقية تفصيلا فى "عصر المرابطين والموحدين" القسم الثانى ص ٤٠٢ - ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>