للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان والنفوذ فى بلاطه. وكان عدة من هؤلاء من خاصة الفرسان ومشاهير الغزاة، فأسند ابن الأحمر إليهم رياسة الجند فى منصب عرف فى الخطط الغرناطية "بمشيخة الغزاة"، ويحتله بالأخص رئيس من بنى العلاء المرينيين يسمى "شيخ الغزاة"، وتولى بنو العلاء قيادة الجيوش الأندلسية عصراً، وكانت لهم فى ميدان الحرب والجهاد مواقف مشكورة (١).

ولابد لنا أن نذكر كلمة عن أصل مشيخة الغزاة هذه، التى لبثت عصراً أهم المناصب العسكرية فى مملكة غرناطة، ولبثت فى الوقت نفسه دهراً وقفاً على القادة من بنى مرين. وذلك أنه لما اتجه بنو الأحمر إلى الاستنجاد بإخوانهم فيما وراء البحر، ملوك بنى مرين، جريا على سنة الأندلس القديمة منذ عهد المرابطين، استجاب لندائهم عاهل بنى مرين السلطان أبو يوسف بن عبد الحق، وعبرت إلى الأندلس النجدات المرينية الأولى بقيادة أبى معرف محمد بن إدريس بن عبد الحق وأخيه عامر، وهما من خاصة قرابة السلطان، وانتزعت مدينة شريش من النصارى، وذلك حسبما تقدم ذكره. وكان السلطان أبو يوسف يخشى من انتقاض فريق من القرابة وأبناء العمومة، تجديداً للخصومة القديمة بين فرعى بنى مرين الملكيين، وهما بنو عسكر وبنو حمامة، فلم يجد خيراً من إرسال من يخشى بأسهم من هؤلاء إلى الأندلس باسم الجهاد، وكان ابن الأحمر يستقبلهم بترحاب ومودة، فاجتمع لديه عدة من أولاد بنى عبد الحق؛ وكان ابن الأحمر يستقبلهم بترحاب ومودة، فاجتمع المجاهدين من زناتة، وبنى مرين. وكان أول من عقد له القيادة منهم، موسى ابن رحُّو، ثم عقد لأخيه عبد الحق، ثم لغيرهما من القرابة (٢) وكان أول من استعملهم لقيادة الغزاة على هذا النحو السلطان محمد بن الأحمر الملقب بالفقيه. تم توالى عبور هؤلاء القادة إلى الأندلس. وكان معظمهم من قرابة السلطان والخارجين عليه. وكان فى مقدمة من نزح إلى شبه الجزيرة، أبو العلاء ورحُّو ابنا عبد الحق، وأولاد أبى يحيى بن عبد الحق وأولاد عثمان بن عبد الحق. واستقروا جميعاً بالأندلس فى كنف سلطان غرناطة، وكانوا يرجعون فى رياستهم إلى كبيرهم عبد الله بن أبى العلاء. وعقد له ابن الأحمر محمد الفقيه على جند زناتة إلى أن هلك فى إحدى الغزوات ضد النصارى وذلك فى سنة ٦٩٣ هـ، ثم عقد ابن الأحمر،


(١) ابن خلدون ج ٧ ص ٢٠٩ و ٢١٠؛ ونفح الطيب ج ٢ ص ٦٣٩.
(٢) ابن خلدون فى كتاب العبر ج ٧ ص ٣٦٧ و ٣٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>