للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملتجئاً إلى بلاط فاس. وبذا استطاع ابن الأحمر أن يبسط سلطانه على الأندلس كلها (١).

وفى أوائل سنة ٦٩٠ هـ (١٢٩١ م) أغار سانشو ملك قشتالة على الثغور الأندلسية ناكثاً لعهده، فأرسل السلطان أبو يعقوب إلى قائده على الثغور أن يغزو شريش وأرض النصارى، فزحف عليها وعاث فيها. وأعلن أبو يعقوب الجهاد، وتقاطرت بعوث المجاهدين إلى الأندلس، فبعث سانشو أسطوله إلى مياه المضيق ليحول دون وصول الأمداد، فبعث السلطان أسطوله لمهاجمة السفن القشتالية، ونشبت بين المسلمين والنصارى معركة بحرية هزم فيها المسلمون (أغسطس سنة ١٢٩١ م). ولكن هذه الهزيمة لم تثن ملك المغرب عن عزمه، فبعث أسطولا آخر لمقاتلة النصارى، وانسحب النصارى هذه المرة. وعبر السل طان أبو يعقوب إلى الأندلس فى قواته فى رمضان سنة ٦٩٠ هـ، واقتحم أرض النصارى، وغزا شَريش ووصل فى زحفه حتى أحواز إشبيلية وعاث فيها، ثم عاد إلى الجزيرة، وارتد عائداً إلى المغرب فى أوائل سنة ٦٩١ هـ.

وتوجس ملك قشتالة من مشاريع سلطان المغرب، فسعى إلى محالفة ابن الأحمر وحذره من نيات المغاربة، واستيلائهم على الثغور الأندلسية، ولاسيما ثغر طريف مدخل الجزيرة، وتفاهم الملكان على انتزاع هذا الثغر من المغاربة، واشترط ابن الأحمر أن تسلم إليه طريف عقب انتزاعها. وسير سانشو أسطوله إلى مياه المضيق ليحاصر طريف من ناحية البحر، وليحول دون وصول الأمداد إليها. وعسكر ابن الأحمر فى قواته بمالقة على مقربة منها، يعاون النصارى بالأمداد والمؤن، وصمدت حامية طريف أربعة أشهر، ولكنها اضطرت فى النهاية إلى التسليم للنصارى (سبتمبر سنة ١٢٩٢ م). وهنا طالب ابن الأحمر سانشو بتسليمها فأبى وأعرض عنه، مع أنه نزل له مقابلها عن عدد من الحصون الهامة؛ فأدرك ملك غرناطة عندئذ خطأه فى الركون إلى وعود ملك قشتالة، وفى مغاضبة ملك المغرب حليفه الطبيعى، وسنده المخلص فى رد عدوان النصارى.

وعاد ابن الأحمر يخطب ود بنى مرين مرة أخرى، وأوفد ابن عمه الرئيس أبا سعيد فرج بن إسماعيل ووزيره أبا سلطان عزيز الدانى على رأس وفد من كبراء الأندلس، إلى السلطان أبى يعقوب فى طلب المودة، وتجديد العهد، والاعتذار عن مسلكه فى شأن طريف، فأكرم السلطان وفادتهم، وأجابهم إلى طلب الصلح،


(١) ابن خلدون ج ٧ ص ٢١٢ و ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>