للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن يحضر جلسات مجلس الكورتس (مجلس النواب القشتالى) بنفسه إن كان منعقداً جنوب طليطلة أو بإنابة أحد من أبنائه أو ذوى قرابته إن كان منعقداً داخل قشتالة. وتعهد ملك قشتالة من جانبه بأن يعقد الصلح مع يوسف طوال أيام حكمه وأيام أبنائه، وبأن يعاونه على محاربة أعدائه من المسلمين والنصارى، وألا يحمى من يلتجىء إليه من أعدائه. ووقع مشروع هذه المعاهدة بين الفريقين فى السابع من المحرم سنة ٨٣٥ هـ (١٦ سبتمبر سنة ١٤٣١ م) ونفّذت على الأثر، إذ أرسل ملك قشتالة، جنده فغزت مرج غرناطة، وسار الأيسر على رأس قواته والتقى بالنصارى فى بسائط إلبيرة، ونشبت بين الفريقين موقعة شديدة، ارتد الأيسر على أثرها منهزماً إلى غرناطة. أما يوسف فقد استطاع بمؤازرة النصارى أن يستولى على عدة قواعد اعترفت بطاعته، مثل رندة ولوشة وحصن اللوز وغيرها. وأعلن ملك قشتالة انحيازه إلى يوسف ونُودى به ملكا، وسار يوسف بعد ذلك فى قواته إلى غرناطة فلقيته جنود الأيسر بقيادة الوزير ابن سراج فهزم ابن سراج وقتل، ودخلت جنود يوسف العاصمة، ونادت بطاعته معظم الجهات، وانفض الأشراف من حول الأيسر بعد أن رأوا خسران قضيته، فاعتزم الأيسر أمره وحمل أمواله وغادر غرناطة فى أسرته ونفر من خاصته، وقصد إلى مالقة التى بقيت على طاعته، ودخل يوسف بن المول الحمراء ظافراً وتربع على العرش، وذلك فى أول يناير سنة ١٤٣٢ م.

وكان أول ما فعله يوسف أن جدد لملك قشتالة عهد الخضوع، فوقعه باعتباره سلطان غرناطة فى ٢٢ جمادى الأولى من نفس العام (٢٧ يناير سنة ١٤٣٢ م) (١). وبيد أن حكمه لم يطل إذ كان شيخاً مريضاً، فتوفى بعد ستة أشهر لم يفعل خلالها شيئاً سوى اعترافه بطاعة ملك قشتالة، وهو ما كانت تسعى إليه قشتالة دائما مذ قامت مملكة غرناطة.

ومن المدهش أن نجد تماثلا غريبا بين نصوص المعاهدة التى عقدها محمد ابن الأحمر مؤسس مملكة غرناطة بالخضوع لفرناندو الثالث، وبين عهد الخضوع الذى وقعه يوسف بن المول، والذى قطعت به قشتالة أكبر خطوة فى سبيل تحقيق


(١) Archivo General de Simancas ; P.R. ١١-١٢٩. وقد حصلنا على صورة فتوغرافية لهذه الوثيقة بنسختيها العربية والقشتالية، ونشرنا النصين فى بحث ظهر فى صحيفة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد (المجلد الثانى - ١٩٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>