الملك هنرى على زواجه منها، ولكنه توفى قبل إتمامه؛ وكذلك خطبها ألفونسو ملك البرتغال وأمراء آخرون، ولكن إيسابيلا رغبت عنهم جميعا، وآثرت بعد إمعان النظر أن تستجيب إلى دعوة ابن عمها فرناندو الأرجونى، لنفس البواعث التى دعت إلى تقدمه إليها، ولأنه يجمع بينهما من الجد بيت ملكى واحد. ووُضعت شروط الزواج بين الفريقين سراً نظراً لمعارضة الملك هنرى، وفيها يتعهد فرناندو بأن يحترم قوانين قشتالة وتقاليدها، وأن يجعل مقر إقامته فيها، وألا يغادرها دون إذن إيسابيلا، وألا يجرى أى قرارات أو تعيينات فى المملكة دون إذنها، وتعهد بالأخص بأن يتابع الحرب ضد المسلمين. وفى أكتوبر سنة ١٤٦٩ عقد الزواج فى مدينة بلد الوليد Valladolid، حيث كانت تقيم الأميرة، فى حفل خاص لم يشهده سوى قليل من الأصدقاء، وأخطرت الأميرة أخاها بعقد الزواج، بكتاب تشرح فيه البواعث التى حدت بها إلى إتمامه. وهكذا حققت أمنية ملك أراجون، وأثبتت الحوادث التالية بُعد نظره، وخطورة مشروعه.
وأُعلنت إيسابيلا عقب وفاة أخيها ملكة لقشتالة وليون، فى شقوبية (١) حيث كانت تقيم، وذلك فى ديسمبر سنة ١٤٧٤ م، وحذت مدن أخرى حذو شقوبية، ولكن الأمر لم يكن هيناً، ذلك أنه كان ثمة فريق من النبلاء يناصر الأميرة خوانا ابنة الملك المتوفى، وكان زوجها فرناندو يطمح فوق ذلك إلى انتزاع العرش لنفسه، باعتباره آخر عقب من الذكور لبيت قشتالة الملكى؛ ولكن إيسابيلا تمسكت بحقها، وانتهى الأمر بينهما بالاتفاق على مزاولة الملك المشترك، تعتبر فيه إيسابيلا ملكة أصلية لقشتالة، لها الرأى الأول فى الجليل من الشئون، ويجرى القضاء وتُسَك العملة باسميهما. وكان خصوم إيسابيلا فى ذلك الحين وعلى رأسهم مطران طليطلة، قد تفاهموا مع ملك البرتغال ألفونسو الخامس، على تأييد سعيهم فى تنصيب خوانا ملكة وهى ابنة أخته، وعلى الاقتران بها. وفى مايو سنة ١٤٧٥ م غزا ملك البرتغال قشتالة بقواته، واخترق هضابها الشمالية حتى مدينة سمورة، وبادر فرناندو وإيسابيلا بالسير فى قواتهما إلى لقائه، واشتبك الفريقان على مقربة من تورو بجوار سمورة، فارتد القشتاليون فى البداية، ولكن ألفونسو لم يبادر إلى الاستفادة من تفوقه، وطال الصراع بين الفريقين بضعة أشهر، وفى النهاية رجحت كفة القشتاليين، واضطر ملك البرتغال أن يرتد أدراجه (فبراير سنة ١٤٧٦ م).