للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستدير، وفى قاعه بقع داكنة ثابتة، تزعم الأسطورة أنها آثار من دماء بنى سراج، الذين دبر لهم السلطان كميناً، واستدرجهم إلى الحمراء، ودبر مقتلهم فى هذه القاعة واحداً بعد الآخر.

وفى الناحية الشرقية لفناء الأسود، يوجد مدخل القاعة التى تسمى قاعة الملوك Sala de los Reyes أو قاعة العدل، وبها ثلاث عقود أو حنايا، رسمت فى سقف الحنية الوسطى منها، صور عشرة فرسان مسلمين، يلبسون العمائم ويجلسون على وسائد، وهيئاتهم تشع بالوقار والعزة، ويقول بعض الباحثين إن هذه هى صور ملوك غرناطة العشرة، الذين سبقوا أبى عبد الله فى تولى العرش.

وفى شمال فناء الأسود يقع البهو المسمى "منظرة اللندراخا" Mirador de Lindaraja. ويوجد بين قاعة الأختين وبين منظرة اللندرخا، باب يفضى إلى ساحة مستطيلة لم تكن من أبنية الحمراء الأصلية، ولكنها أنشئت أيام الإمبراطور شرلكان.

ويتصل بهذه الساحة رواق ضيق يفضى إلى متزين الملكة Peinador de la Reina، وهو عبارة عن بهو صغير منخفض، وقد أنشىء فى القرن السادس عشر، ورسمت على جدرانه صور وزخارف نصرانية من طراز عصر الأحياء.

تلك هى محتويات قصر الحمراء، ولا يتسع المقام هنا لننقل إلى القارىء، ما نقش على جدرانه، وما فى قبابه من النقوش والقصائد العديدة. ولكن الذى يلفت النظر بنوع خاص، أن شعار بنى نصر وهو "ولا غالب إلا الله"، قد نقش فى كل ركن من أركانه، وكل ناحية من نواحيه. وتكرار هذا الشعار على هذا النحو يبعث إلى النفوس شعور النبؤة والنذير، ويذكرها بالمأساة الخالدة، التى توالت حوادثها بين هذه الجدران الصامتة، التى يكاد الأسى يرتسم على زخارفها العربية ونقوشها الإسلامية (١).

وهناك على مقربة من قصر الحمراء، يقع أثر أندلسى آخر هو قصر جنة العريف El Generalife، وهو يقوم على ربوة مستقلة عالية، تقع فى ركن منعزل فى شمال شرقى الهضبة، ويشرف من ربوته العالية على صروح قصبة الحمراء، وتبدو من ورائه آكام جبال سيرّا نفادا الشامخة (جبل الثلج). وهو عبارة عن صرح صغير أنيق المنظر، قد اختلطت أوضاعه العربية السفلى، بما أنشأه الملوك


(١) يجد القارىء وصفاً ضافياً لقصر الحمراء ومنشآته، ونقوشه، فى كتابى "الآثار الأندلسية الباقية". الطبعة الثانية ص ١٨٤ - ٢١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>