على انفراد، بل تقدم إليه خلاصة التحقيق مرفقة بقرار الإحالة وقرار الإتهام. وكان المحامى الذى يبدى فى تأدية مهمته غيرة خاصة، يخاطر بأن يقع تحت سخط الديوان.
وبعد المرافعة واستجواب المتهم، تحال القضية على الأحبار المقررين ليبدوا فيها رأيهم من جديد. وكانت هذه خطوة حاسمة فى الواقع، لأنها تمهيد إلى الحكم النهائى. ويصدر الأحبار المقررون قرارهم، وقلما كان يختلف عن القرار الأول. فإذا كان الحكم بالإدانة، كان للمتهم فرصة الاستئناف أمام المجلس الأعلى (السوبريما). بيد أنها كانت على الأغلب فرصة عقيمة، إذ قلما كان المجلس الأعلى ينقض حكماً من الأحكام. وكان للمتهم أيضاً أن يلتمس العفو من الكرسى الرسولى. وكانت الخزانة البابوية تغنم من هذه الإلتماسات أموالا طائلة، فكانت فرصة لا يستفيد منها سوى ذوى الغنى الطائل.
وقلما كان يصدر حكم البراءة أو "الإقالة"، إذ أن أقل شك فى براءة المتهم براءة مطلقة، كان يوجب اعتباره مذنباً من النوع الخفيف de Levi، وعندئذ تصدر عليه عقوبات تتناسب مع ذنبه، ويقضى عليه أن يتطهر من كل شبهة للكفر وفقاً لإجراءات معينة. وإذا قضى بالبراءة وهو ما يندر وقوعه، أطلق سراح المتهم، وأعطيت له شهادة بطهارته من الذنوب، وهى كل ما يعوض به، عما أصابه فى شخصه وفى شرفه وماله، من ضروب الأذى والألم.
وأما إذا قضى بالإدانة، فإن الحكم لا يبلغ إلى المتهم إلا عند التنفيذ، وهو إجراء من أشنع الإجراءات الجنائية التى عرفت، فيؤخذ المتهم من السجن دون أن يدرى مصيره الحقيقى، ويجوز رسوم الإيمان "الأوتودافى" Auto-da-fé وهى الرسوم الدينية التى تسبق التنفيذ، وخلاصتها أن يلبس الثوب المقدس، ويوضع فى عنقه حبل وفى يده شمعة، ويؤخذ إلى الكنيسة ليجوز رسوم التوبة، ثم يؤخذ إلى ساحة التنفيذ، وهنالك يتلى عليه الحكم لأول مرة. وقد يكون الحكم فى حالة المتهم الخطيرة بالسجن المؤبد والمصادرة، أو بالإعدام حرقاً فى حالة "الكفر الصريح"، وقد يكون فى حالة الذنوب الخفيفة، بالسجن لمدة محدودة أو بالغرامة، وهو ما يسمى حكم "التوفيق". وكانت أحكام الإعدام، هى الغالبة فى عصور الديوان الأولى فى قضايا الكفر. وكان التنفيذ يقع فى ساحات المدن الكبيرة، وفى احتفال رسمى يشهده الأحبار والكبراء بأثوابهم الرسمية، وقد يشهده الملك. وكان يقع على الأغلب جملة،