للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فافعلوا، وإلا فكونوا مطمئنى القلوب بالإيمان إن نطقتم بها ناكرين لذلك، وإن قالوا اشتموا محمدًا فإنهم يقولون له مُمَد، فاشتموا مُمَدًا، ناوين أنه الشيطان أو ممد اليهود فكثير بهم اسمه. وإن قالوا عيسى ابن الله، فقولوها إن أكرهوكم، وانووا إسقاط مضاف أى عبد اللاه مريم معبود بحق. وإن قالوا قولوا المسيح ابن الله فقولوها إكراهًا، وانووا بالإضافة للملك كبيت الله لا يلزم أن يسكنه أو يحل به؛ وإن قالوا قولوا مريم زوجة له فانووا بالضمير ابن عمها الذي تزوجها في بنى إسرائيل ثم فارقها قبل البناء. قاله السهيلى في تفسير المبهم من الرجال في القرآن. أو زوجها الله منه بقضائه وقدره. وإن قالوا عيسى توفى بالصلب، فانووا من التوفية والكمال والتشريف من هذه، وإماتته وصلبه وإنشاد ذكره، وإظهار الثناء عليه بين الناس، وأنه استوفاه الله برفعه إلى العلو، وما يعسر عليكم فابعثوا ( F. ٤. I) فيه إلينا نرشدكم إن شاء الله على حسب ما تكتبون به، وأنا أسأل الله أن يديل الكره للإسلام حتى تعبدوا الله ظاهرًا بحول الله من غير محنة ولا وجلة، بل بصدمة الترك الكرام. ونحن نشهد لكم بين يدى الله أنكم صدقتم الله ورضيتم به. ولابد من جوابكم. والسلام عليكم جميعًا. بتاريخ غرة رجب عام عشرة وتسع مائة، عرف الله خيره".

"يصل إلى الغرباء إن شاء الله تعالى" (١).

ومن ثم فقد لبث الموريسكيون، شغلا شاغلا للكنيسة وللسياسة الإسبانية، فهم عنصر بغيض فى المجتمع الإسبانى، وهم خطر على الدولة وعلى الوطن، وهم بالرغم من ردتهم مازالوا خونة مارقين، ومازالوا أعداء للدين فى سريرتهم. وكان يذكى هذا البغض والتحامل ضد الموريسكيين كل تذمر من جانبهم. فلما دفعهم اليأس إلى الثورة فى مفاوز البشرّات، ولما آنست السياسة الإسبانية أن هذه البقية الممزقة من الأمة الأندلسية القديمة، مازالت تجيش برمق من الحياة والكرامة،


(١) عثرت على هذه الوثيقة خلال بحوثى فى مكتبة الفاتيكان الرسولية برومة. وهى تقع ضمن مجموعة خطية من المخطوطات البورجوانية ( Borgiani) . وقد وصف هذا المخطوط فى فهرس مكتبة الفاتيكان (فهرس دللافيدا) بأنه "المقدمة القرطبية". وفى صفحة عنوانه بأنه "كتاب نزهة المستمعين". وتشغل هذه الوثيقة فى المخطوط المشار إليه أربع صفحات (١٣٦ - ١٣٩) ومن جهة أخرى فقد عثرت بنص هذه الوثيقة مثبتا فى إحدى مخطوطات الألخميادو المحفوظة بمكتبة أكاديمية التاريخ بمدريد (مجموعة سافدرا). وتوجد ترجمتها القشتالية فى كتاب:
P. Longas: La Vida Religiosa de los Moriscos (p. ٣٠٥-٣٠٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>