للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لم يجىء منا لموضع كفرهم ... يعاقبه اللباط شر العقوبة

ويلطم خديه ويأخذ ماله ... ويجعله فى السجن فى سوء حالة

وفى رمضان يفسدون صيامنا ... بأكل وشرب مرة بعد مرة

وقد أمرونا أن نسب نبينا ... ولا نذكرنه فى رخاء وشدة

وقد سمعوا قوماً يغنون باسمه ... فأدركتهم منهم أليم المضرة

وعاقبهم حكامهم وولاتهم ... بضرب وتغريم وسجن وذلة

وقد بدلت أسماؤنا وتحولت ... بغير رضا منا وغير إرادة

فآها على تبديل دين محمد ... بدين كلاب الروم شر البرية

وآهاً على تلك الصوامع علقت ... نواقيسهم بها نظير الشهادة

وآها على تلك البلاد وحسنها ... لقد أظلمت بالكفر أعظم ظلمة

وصارت لعبادة الصليب معاقلا ... وقد أمنوا فيها وقوع الإغارة

وصرنا عبيداً لا أسارى نفتدى ... ولا مسلمين نُطقهم بالشهادة

فلو أبصرت عيناك ما صار حالنا ... إليه لجادت بالدموع الغزيرة

فياولنا يا بؤس ما قد أصابنا ... من الضر والبلوى وثوب المذلة (١).

وهذه الأبيات تنم بالرغم من ركاكتها عن دقة مدهشة، فى تتبع أعمال السياسة الإسبانية، لمطاردة العرب المتنصرين، وفى وصف إجراءات محاكم التحقيق وعقوباتها.

والظاهر أن صاحبها كان من الكبراء المتصلين بالشئون العامة. والمرجح أن هذه الرسالة وجهت إلى السلطان بايزيد الثانى، عقب ثورة البشرات وما تلاها من إجراءات القمع المشددة ضد العرب المتنصرين، وذلك حوالى سنة ١٥٠٥، وقد توفى السلطان بايزيد الثانى سنة ١٥١٢، فلابد أن تكون الرسالة قد وجهت إليه قبل ذلك. ونحن نعرف أنها لم تكن أول رسالة من نوعها، وجهها مسلمو الأندلس والعرب المتنصرون إلى قصور قسطنطينية ومصر والمغرب، فقد أشرنا فيما تقدم إلى سفارة السلطان أبى عبد الله الأيسر إلى سلطان مصر الملك الظاهر جقمق يستمد عونه، ثم إلى سفارة مولاى الزغل سلطان غرناطة إلى بلاط مصر وبلاط قسطنطينية، يستغيث بهما ويستصرخهما لإنجاده، وإلى ما قام به بلاط مصر من توجيه سفارته إلى فرناندو الخامس، يحذره من المضى فى إرهاق المسلمين، وينذره باضطهاد النصارى الذين


(١) أورد لنا المقرى فى أزهار الرياض تلك القصيدة بأكملها، وهى طويلة فى نحو مائة بيت (ج ١ ص ١٠٩ - ١١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>