تركية، فهاجمها الإسبان عدة مرات وصوبوا إليها نار المدافع بشدة، فسقطت فى أيديهم بعد مواقع هائلة، أبدى فيها الموريسكيون والنساء الموريسكيات أعظم ضروب البسالة، وقتل عدد من الأكابر الإسبان وضباطهم، ودخلها الإسبان دخول الضوارى المفترسة، وقتلوا كل من فيها ولم يفروا من النساء والأطفال، وكانت مذبحة رائعة (فبراير سنة ١٥٧٠)، وتوغل الدون خوان بعد ذلك فى شعب الجبال حتى سيرون الواقعة على مقربة من بسطة، وكانت هنالك قوة أخرى من الموريسكيين بقيادة زعيم يدعى"الحبقى" تبلغ بضعة آلاف، ففاجأت الإسبان فى سيرون ومزقت بعض سراياهم، وأوقعت الرعب والخلل فى صفوفهم، وقتل منهم عدد كبير، ولم يستطع الدون خوان أن يعيد النظام إلا بصعوبة؛ فجمع شتات جيشه، وطارد الموريسكيين، واستمر فى سيره جنوباً حتى وصل إلى أندرش فى مايو سنة ١٥٧٠، وهنا رأت الحكومة الإسبانية أن تجنح إلى شىء من اللين، خشية عواقب هذا النضال الرائع، فبعث الدون خوان رسله إلى الزعيم "الحبقى" يفاتحه فى أمر الصلح، وصدر أمر ملكى بالوعد بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم فى ظرف عشرين يوماً من إعلانه، ولهم أن يقدموا ظلاماتهم، فتبحث بعناية، وكل من رفض الخضوع، ما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة، قضى عليه بالموت. فلم يصغ إلى النداء أحد. ذلك أن الموريسكيين أيقنوا نهائياً أن اسبانيا النصرانية لا عهد لها ولا ذمام، وأنها غير أهل للوفاء، فعاد الدون خوان إلى استئناف المطاردة والقتال، وانقض الإسبان على الموريسكيين محاربين ومسالمين، يمعنون فيهم قتلا وأسراً، وسارت قوة بقيادة دون سيزا إلى شمال البشرّات، واشتبكت مع قوات مولاى عبد الله فى معارك غير حاسمة، وسارت مفاوضات الصلح فى نفس الوقت عن طريق الحبقى، وكان مولاى عبد الله قد رأى تجهم الموقف، ورأى أتباعه ومواطنيه يسقطون من حوله تباعاً، والقوة الغاشمة تجتاح فى طريقها كل شىء، فمال إلى الصلح والمسالمة، واستخلاص ما يمكن استخلاصه من برائن القوة القاهرة.
وتقدم للوساطة بين الثوار وبين الدون خوان كبير من أهل وادى آش يدعى الدون فرناندو دى براداس، وكانت له صلات طيبة مع زعماء الموريسكيين قبل الثورة.
وقد انتهت إلينا فى ذلك وثيقة مؤثرة هى عبارة عن خطاب كتبه مولاى عبد الله إلى دون هرناندو هذا يعرض استعداده للصلح والمفاوضة، وفيه تبدو لغة الموريسكيين العربية فى دور احتضارها، ويبدو أسلوب اللهجة الغرناطية التى انتهى الموريسكيون