للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغاربة والموريسكيين. وبدأ خير الدين غاراته فى المياه الإسبانية بمهاجمة الشواطىء الشرقية، وقطع خلال هذه الغارة ثلاثة أشهر عاث فيها فى البقاع الساحلية، وجمع فى سفنه كثيراً من الموريسكيين الراغبين فى الهجرة، وأسر كثيراً من الإسبان. وعرج أثناء عوده على جزيرة منورقة. وكان من أهم الغارات التى نظمها خير الدين على الشواطىء الإسبانية غارة وقعت فى سنة ١٥٢٩، وذلك أن جماعة من الموريسكيين فى بلنسية فاوضوه لكى ينقلهم خلسة إلى عدوة المغرب، فأرسل عدة سفن بقيادة نائبيه إيدين ريس، وصالح ريس، إلى المياه الإسبانية، ورست السفن المغيرة ليلا عند أوليفا الواقعة شمال غربى دانية أمام مصب نهر "ألتيا"، ونزلت منها إلى البر قوة استطاعت أن تجمع من الأنحاء المجاورة نحو ستمائة من الموريسكيين الراغبين فة الهجرة، وهنا فاجأت السفن المغيرة عدة من السفن الإسبانية الكبيرة، وطاردتها حتى مياه الجزائر الشرقية (البليار). ولكن سفن " القراصنة " انقلبت فجأة من الدفاع إلى الهجوم، وانقضت على السفن الإسبانية وأغرقت بعضها، وأسرت البعض الآخر، وسارت سالمة إلى الجزائر تحمل الموريسكيين الفارين، وعدداً من أكابر الإسبان أخذوا أسرى، ومعها عدة من السفن الإسبانية الفخمة. وكان صريخ الموريسكيين يتوالى إلى خير الدين وحلفائه من أمراء المغرب ولاسيما أيام الثورات المحلية التى تشتد فيها وطأة الإسبان على الأمة المغلوبة، ومن ثم فقد توالت بعوث خير الدين وغاراته على الشواطىء الإسبانية، وتتابعت الفرص لدى الموريسكيين، للفرار والهجرة رفق السفن المغيرة، حتى بلغ ما نقلته سفن خير الدين منهم إلى شواطىء المغرب نحو سبعين ألفا (١).

وكان سلطان خير الدين وزملائه البحارة الترك فى المياه المغربية عاملا فى تحطيم كثير من مشاريع اسبانيا البحرية فى المغرب. وكان الإسبان قد استولوا على ثغر وهران منذ سنة ١٥٠٥، واحتلوا مياه تونس سنة ١٥٣٥، بانضواء أميرها الحفصى المعزول تحت لوائهم، وكان كثير من أمراء الثغور والقواعد المغربية الذين يهدد الترك سلطانهم يتجهون بأبصارهم إلى الإسبان للاحتفاظ برياستهم. ولدينا


(١) راجع كتاب الأستاذ لاين بول The Barbary Corsairs فى الفصول الأول والثانى والثالث، حيثما يورد كثيراً من التفاصيل الشائقة، عن هذه الغارات البحرية، وعن مغامرات أوروج وخير الدين. وراجع كتاب " غزوات عروج وخير الدين " الذى سبقت الإشارة إليه ص ١٩ و ٤٨ و ٨١ و ٨٢

<<  <  ج: ص:  >  >>