للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهرت فى هذا الميدان فى مملكة غرناطة فى أوائل القرن التاسع الهجرى. ولد بغرناطة سنة ٧٦٠ هـ (١٣٥٨ م) وتوفى بها سنة ٨٣٩ هـ (١٤٢٦ م)، وبرع فى النحو والمنطق والبيان والفقه، وتولى الوزارة للسلطان يوسف الثانى سنة ٧٩٣ هـ (١٣٩١ م) ثم ولى قضاء الجماعة بغرناطة، وبرز فى النثر والنظم، ووضع عدة قصائد وأراجيز، تناول فيها بعض مسائل من علم الأصول، والقراءات والفرائض والنحو وغيرها. وله كتاب "تحفة الأحكام فى نقط العقود والأحكام". وهو مختصر فى الفقه، وقد طبع بمصر وترجم إلى الفرنسية. وله أيضاً كتاب "حدائق الأزهار فى مستحسن الأجوبة والمضحكات والحكم والأمثال والحكايات والنوادر " كتبه للسلطان يوسف. ويعرف بابن الخطيب الثانى لبراعته وجودة نثره ونظمه (١).

وكذلك برع ولده العلامة الفقيه أبو يحيى بن عاصم فى النثر والنظم، وتولى كأبيه منصب الكتابة والوزارة، وكتب شرحاً على كتاب أبيه "تحفة الأحكام " وكتب رسالة فلسفية تاريخية عن أحوال غرناطة فى عصره، وما دهاها من آثار التفرق والفتنة، ووصف فيها أساليب السياسة الإسبانية، فى الكيد والتفريق بين المسلمين، أسماها "جنة الرضى فى التسليم لما قدر الله وقضى". ونقل إلينا منها المقرى فى أزهار الرياض نبذاً عديدة تشهد بمقدرة صاحبها، وعميق تفكيره ورائق أسلوبه (٢).

وأبو الحسن سلام بن عبد الله الباهلى الإشبيلى، وقد كتب سنة ٨٣٩ (١٤٢٥ م) كتاب "الذخائر والأعلاق فى أدب النفوس ومكارم الأخلاق" (٣).

ومنذ منتصف القرن التاسع الهجرى، تضمحل الحركة الفكرية فى مملكة غرناطة شيئاً فشيئاً. ولا غرو فقد كانت غرناطة تخوض فى تلك الفترة بالذات، مرحلة الصراع الأخير، وكانت الحرب الأهلية تمزق أوصالها، وخطر الفناء الداهم يبدو لها قوياً فى الأفق. بيد أن شعاعاً أخيراً كان يبدو فى تلك الظلمات المدلهمة. فنرى فى أواخر


(١) راجع نفح الطيب ج ٣ ص ٨ و ٩؛ وبروكلمان، المصدر السابق ج ٢ ص ٢٦٤.
(٢) راجع أزهار الرياض ج ١ ص ٥٠ وما بعدها، وص ١٦٧ وما بعدها. وتوجد من هذه الرسالة نسخة خطية بالخزانة الملكية بالرباط.
(٣) بروكلمان، المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٩. وقد طبع الكتاب المشار إليه بالقاهرة سنة ١٩٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>