للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع أن كتابة المدائح النبوية باللغة القشتالية ترجع إلى عصر مبكر، وقد كتبها المدجنون بهذه اللغة منذ القرن الثالث عشر، وانتشرت بعد ذلك بين طوائف المدجنين فى مختلف مدن قشتالة وأراجون. ثم كتبها الموريسكيون بالألخميادو أو القشتالية العربية.

والظاهرة الواضحة فى الأدب الموريسكى، هو أن كُتاب الألخميادو كانوا يفكرون ويكتبون بالروح العربية، وإن كان تعبيرهم عن ذلك يجرى بالقشتالية، وأنهم كانوا يتأثرون فى الأسلوب بلهجات مقاطعاتهم المختلفة، أكثر من تأثرهم بقواعد اللغة.

ويرى النقدة أن نثر كتاب الألخميادو أفضل من نظمهم، وأنه نثر مطبوع خال من التكلف، ومن الملحوظ فيه بنوع خاص تسرب الألفاظ العربية الصحيحة إليه من آن لآخر، والأدب الموريسكى لا يتجه إلى مراعاة الرونق والتنميق، ولكنه يرمى قبل كل شىء إلى تصوير التاريخ والتقاليد القومية فى إطار دينى.

وبالرغم مما يغلب عليه من الضعف والركاكة بصفة عامة، فإنه يصل أحياناً إلى مرتبة الطلاوة، بل يصل أحياناً إلى مرتبة البلاغة. وأفضل مثل لذلك شعر ريدان (١).

كما يرى البعض، أنه وإن لم تكن للأدب الموريسكى ثروة من الجمال أو قيمة أدبية ذات شأن، فإن له قيمة تاريخية واجتماعية هامة، فى الكشف عن التقاليد والعادات، وأنه قد ترك أثره فى اللغة الإسبانية، وفى الشعر الإسبانى، وفى الأفكار الدينية وغيرها.

بل وقد نوه غير واحد من الكتاب الإسبان، بما كان عليه الأدب الموريسكى بالرغم من ضعفه وضآلة شأنه، من شاعرية، وشعور بالجمال، وخيال ممتع، وذوق سليم. ويعلق الدون برونات على اختفاء الموريسكيين واختفاء أدبهم بعبارات شعرية يقول فيها: "إن السياسة الإسبانية لم تكتف بنفى الموريسكيين، وما ترتب عليه من نضوب حقولنا ومصانعنا وخزائننا، ولم يقتصر الأمر على انتصار التعصب، وبربرية ديوان التحقيق، بل تعداه إلى اختفاء الشعر، وشعور الجمال الموريسكى، والأدب السليم الذى رفع سمعة تاريخنا".


(١) راجع: Menéndez y Pelayo: Historia de los Heterodoxes Espanoles p. ٣٤٥ - ٣٤٩، وكذلك E. Saavedra: ibid.
وراجع الموسوعة الإسبانية العامة تحت كلمة Aljamia

<<  <  ج: ص:  >  >>