للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن ذلك ما ورد في رواية إيزيدور الباجي الذي عاش في أوائل القرن الثامن، وما ذكره ردريك الطليطلي في روايته، من أن الكونت يوليان ثار لاعتداء ردريك على ابنته أو زوجه، واعتزم أن ينتقم لنفسه بدعوة العرب إلى فتح اسبانيا، وهي قصة يرددها أيضاً التاريخ العام الذي وضع بأمر الملك ألفونسو العالم في أواخر القرن الثالث عشر (١). ففي هذه الروايات الإسبانية النصرانية كلها تأييد لهذه القصة الشهيرة. كذلك يختلف النقد الأوربي الحديث في أمر هذه القصة، فيرى البعض أنها أسطورة لا يصح الأخذ بها، ويرى البعض الآخر أنها معقولة لا أثر للاختراع فيها (٢). ونحن مع هذا الفريق نرى قصة فلورندا حادثاً طبيعيا معقولا، ونرى في إجماع الرواية الإسلامية على تدوينها دليلا آخر على صحتها. ومهما كان من أمر يوليان، ومهما كان من بواعث غضبه ونقمته على مليكه، فقد كان تدخله أكبر عامل في تذليل فتح المسلمين لشبه الجزيرة الإسبانية، والقضاء على مملكة القوط.


(١) Gibbon, ibid. Chap. LI (Note) - Pr Cronica General ; Vol.I.P. ٣٠٧, C. Julian, ibid, p, ٧٥٧
(٢) قال الفيلسوف جيبون في تعليقه على تلك القصة: " طالما كانت أهواء الملوك يطبعها الجموح والعبث. ولكن هذه القصة المعروفة، وإن كانت روائية في ذاتها، لم تؤيدها الأدلة الكافية، وتاريخ اسبانيا يقدم من بواعث المصلحة والسياسة ما هو أليق بتفكير السياسي القديم (يريد الكونت يوليان) Gibbon, ibid, L١. ويسخر فولتير في تاريخه العام من القصة ويقول: " إن الاغتصاب صعب التنفيذ صعب التدليل، فهل يتحالف الأحبار من أجل فتاة ". ولكن المؤرخ المستشرق دوز يروي القصة ويأخذ بها في شرح حوادث الفتح Dozy: Histoire V.p.I ٢٧١. وكذا يرويها ويأخذ بها المستشرق كاردون في كتابه: Histoire de l'Afrique et de l'Espagne p.٦٥..

<<  <  ج: ص:  >  >>