للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولاية ريوخا جنوباً، حتى الأراضي التي سميت فيما بعد أراجون وسوبرابي، وكان سكانها الأصليون من البشكنس وأهل ألبة. وكان ملوك الجلالقة أو ملوك أوبييدو قد غزوها وأضافوها إلى أملاكهم، وكانت عاصمتها يومئذ مدينة برغش. وأبدى زعماء قشتالة منذ البداية، مقاومة عنيفة للملوك الجلالقة، وبذلوا جهدهم للمحافظة على استقلالهم المحلي، وثاروا بالفعل في عهد أردونيو الثاني في أوائل القرن العاشر. فحاربهم أردونيو وأخضعهم، وقبض على كثير منهم وأعدمهم، واضطر الباقون إلى الالتزام بطاعته، وكانوا يتمتعون بسلطات محدودة تحت سلطان زعيم محلي، مقره في " برغش ". وهو يخضع بدوره لملك ليون.

ولكن هذا النظام المهين، لم يرق لكونتات قشتالة، فلبثوا يتحينون الفرص للثورة، وتحقيق استقلالهم المنشود.

وعرضت هذه الفرصة، وألفت قشتالة بطل ثورتها التحريرية، في شخص زعيمها الكونت فرنان كونثالث (وفي الرواية الإسلامية فرّان غنصالس)، الذي غدت حياته مستقى للملاحم الشعرية، والقصص الإسباني في العصور الوسطى، فحشد الكونت أنصاره وقواته، وأعلن الحرب على راميرو الثاني ملك ليون، وولد أردونيو؛ وكان راميرو يومئذ في أوج قوته، بعد انتصاره على المسلمين في موقعة الخندق، فلم يلق مشقة في هزيمة الكونت وسحق قواته، وأسر فرنان كونثالث، وزجه راميرو إلى ظلام السجن في مدينة ليون، وعين لحكم قشتالة آسور فرناندز كونت مونزون، ثم عين بعد ذلك لحكمها ولده سانشو، وأمره أن يعامل القشتاليين بالرفق والحسنى؛ ولكن ذلك لم يخمد جذوة الوطنية القشتالية. ولبث القشتاليون مخلصين لأميرهم المأسور، واستمروا في الثورة والقتال، وزحفت جموعهم بالفعل على ليون، فخشى راميرو العاقبة، وأطلق سراح فرنان كونثالث، ولكن بشروط فادحة، هي أن يقسم يمين الطاعة لملك ليون، وأن يتنازل عن كل أملاكه، وأن يزوج ابنته أوراكا لأردونيو ولد راميرو الأكبر. وقبل فرنان كونثالث هذه الشروط مرغماً. وظل أهل قشتالة على بغضهم لملك ليون، وولائهم لأميرهم. وفقد راميرو بذلك عون الزعماء القشتاليين ومساهماتهم المخلصة في الدفاع عن البلاد، واستطاع المسلمون خلال ذلك الإغارة مراراً على أراضي ليون والعيث فيها، وقام الناصر بتجديد مدينة سالم، ثغر

<<  <  ج: ص:  >  >>